“لو ليقت مساندة من قبل المسؤولين عن الرياضة في بلادنا لأصبحت بطلا للعالم في الوزن الثقيل في الفن النبيل” هي عبارة بدأ بها الملاكم الجزائري السابق محمد بودشيش في الحوار الذي أجريناه معه و أنهاها على نفس الريتم كذلك,كيف لا و أن بطلنا علمنا من خلال هذه الدردشة أنه استطاع أن يفتك بأعتى الخصوم في الحلبات العالمية حيث أنه أشبع الأمريكي “بيلي ذو وايت ” ضربا,حتى تفاجأ المعني نفسه بالمستوى الفني الذي أظهره محمد بودشيش و ذلك خلال أولمبياد لوس أنجلوس سنة 1984 و سرق التأهل من الملاكم الجزائري وذلك بغية حصول الأمريكي على اللقب الأولمبي و كانت حينها فضيحة تكلم عليها الإعلام الأمريكي على وجه الخصوص.
و ليس غريبا على أن الملاكم “بيلي ذو وايت ” أصبح بعدها بطلا للعالم في الوزن الثقيل في ميدان الاحتراف,لكن محدثنا خلال هذا الحوار الصحفي بقي يصارع ضمن سفينة اللامبالاة و خرج من عالم الفن النبيل خاصة في مجال الاحتراف بدون ألقاب يرصّع بها مسيرته التي يقول عنها بأنه أسال الكثير من الدماء من وجهه كافية لملأ عدة دلاء في سبيل أن ترفع الراية الوطنية عاليا. فلم يترك بطلنا هذا لقبا في مجال ملاكمة الهواة إلا و حصده فمن بطولة إفريقيا إلى البطولة العربية و كذا بطولة البحر الأبيض المتوسط دون نسيان الألعاب الأولمبية التي شارك من خلالها في موعد موسكو سنة 1980 و كذلك أولمبياد لوس أنجلوس سنة 1984 .
تغلب من خلال مسيرته في ميدان الهواة على أعتى الخصوم الذين صاروا بعدها أبطالا للعالم في ميدان الاحتراف. كان بطلنا مثلما أشرنا إليه بقي يلعب دور الكومبارس حيث بات يبحث عن لقمة العيش وراء البحار من خلال تحضيره لأبطال العالم من عيار الفرنسي طافر و فيرجيل هيل الأمريكي و غيره ممن يعج أرشيف الاحتراف و الحلبات العالمية بأسمائهم. علما أن المعني رفض الانضمام لكتيبة الماناجير العالمي “الدون كينج” الذي أراد أن يصنع من بودشيش محمد و كذلك موسى مصطفى أبطالا للعالم حينها لكن نداء الوطن و الفريق الوطني كانا فوق كل اعتبار و ضيع المعنيان فرصة البروز على الصعيد العالمي.
فكيف تم محو اسم بودشيش من ذاكرة أبطال العالم,و هل تم ذلك بتواطؤ أم أن الظروف حينها لم تسمح لهذا الملاكم في أن يقول كلمته على الصعيد العالمي.كل هذه الأسئلة إضافة إلى بيوغرافيا عن حياة البطل آثرنا أن نسردها من خلال دردشة على طريقة السؤال و الجواب…..
سأبقى في الصالات الرياضية ما دمت حيا
قبل الخوض في مجريات الحوار نلاحظ الأخ محمد أنك لا زلت تحتفظ بمورفولوجية عالية فهل أنت تحضر للعودة للحلبة مجددا؟
يا أخي منذ أن علقت القفازات لم أغادر عالم التدريب حيث لا زلت أتدرب بصفة يومية سواءا كان ذلك بالركض أو تقوية العضلات و حتى ميدان التدريب على الملاكمة لم انقطع عنه فمن شّب على شيء شاب عليه – يقولها مازحا -.
نترك لك حرية بدء الدردشة التي نريدها أن تكون بمثابة سباحة حرة في عالم الذكريات لذى نتركك تبدأ في سرد الأحداث؟
بكل أسف و ألم و من خلال منبر جريدة “المقال” ألقي بصيحة عنوانها “ربي وكيل جميع من وقف في طريقي و منعني من أن أصبح بطلا للعالم “.
نازلت ملاكمين أصبحوا أبطالا للعالم
لقد تحسرنا من خلال سماعنا هذه العبارة و شوقتنا أكثر لمعرفة المزيد ؟
مثلما تعلم أن أول ميدالية أولمبية نالتها الجزائر كانت تلك التي جلبها موسى مطفى من أولمبياد لوس أنجلوس حيث نال ذات المعدن برفقة الملاكم العالمي “إيفندر هوليفيلد ” و سرقت مني أنا الميدالية حيث وقف الأمريكان إلى جانب بطلهم “بيلي ذو وايت ” و بعد هذا الإنجاز لم يسمح لنا الاحتراف رغم طلبات المناجير العالمي “دون كينج” حينها الذي رأى في شخصي و كذلك موسى مصطفى مشروعي ابطال للعالم.
بيلي ذو وايت فاز على هوليفيلد و تايسون
“بيلي ذو وايت” أليس هو الملاكم العالمي الذي فاز على خيرة الملاكمين من عيار “موريسون “ و “تايسون “ و كذلك “هوليفيلد“؟
هو بالذات فهذا الملاكم قبل أن ينازلني في أولمبياد “لوس أنجلوس ” لم يعرني أي اهتمام لا هو و لا طاقمه التدريبي حيث لم يكن يعرف أصلا أين تقع الجزائر لكن مع أول عبارة “بوكس ” من قبل الحكم أدرك أن أمر تسيير المانزلة لم يكن بيده حيث جمعت كل نقاط الجولة الأولى و أصبحت اصيبه باللكمات في حين كان يصعب عليه الأمر لمجاراتي فخلال الجولة الثانية و بعد نصائح مدربه رفع يديه لوجهه لتفادي لكماتي و ظللت أسدد و هو يتحاشى غير أن الجولة الثانية تعادلنا من خلالها في النقاط و كنت أنا الفائز لكن لأول مرة في تاريخ الأولمبياد استمر الوقت لإعلان نتيجة الفائز لمدة فاقت العشر دقائق و هنا أعطي التأهل لصالح الأمريكي مراعاة لعامل الأرض و الجمهور و من خلال هذه المنازلة صرح “بيلي ذو وايت” على أنه سيكون صاحب التتويج و هو ما كان بطبيعة الحال .
الدون كينج تنبأ لي أن أصبح بطلا للعالم
حدثنا عن لقائك مع الدون كينج ؟
من محاسن الصدف أن الماناجير العالمي و منظم المباريات العالمية “الدون كينج” كان يلاحظ خطواتي أولا بأول فوق الحلبة و أعجب بالمستوى الذي قدمته فقال لي مازحا بأنني ابدو كأفرو- أمريكي و طلب عن طريق عرض رسمي بقاءنا أنا و موسى مصطفى لكن بحكم التزامنا بأداء الخدمة الوطنية كان لزاما علينا العودة و تبخر بالتالي حلم الاحتراف الأول.
تقول حلم الاحتراف الأول فهل كان هناك مشروع ثاني بعدها و تبخر هوالآخر ؟
أعلم بأنك ضليع في رياضة الفن النبيل بحكم ممارستها أيضا فأنت أول من يعلم أن الاحتراف في عالم الفن النبيل يجب أن يكون في سن العشرين على أقصى تقدير.
عصروني كالليمونة ثم رموني بدون مساندة في عالم الاحتراف
إذا فما الذي حصل ؟
الذي حصل أريد لنا أن نبقى هواة حيث حصلت على كل التتويجات بما في ذلك بطولة العالم العسكرية و التي أعتبرها شرف ما بعده شرف و كان ذلك في أوغندا بعدها تغلبت على خيرة ملاكمي تحت الثقيل و الوزن الثقيل و توجت بميداليات ذهبية في خيرة المواعيد العالمية تماما كما حصل في دورة فينيسيا سنة 1985 و أيضا جاكارتا الدولية و حتى أولمبياد موسكو كنت حاضرا فيه و رغم ذلك لم أجد تحفيز للاحتراف بل وجدت العقبات.
لقد تم إلغاء بطولة إفريقيا للاحتراف و كان ذلك بفعل فاعل
إذا حدثنا عن مشوارك الاحترافي ؟
بعدما تم عصري على طريقة الليمونة ذهبت لعالم الاحتراف و المؤسف أنه لم يكن هناك تأطير و لا رعاية و رغم ذلك لعبت على الراية الوطنية و رفضت تغيير الجنسية الرياضية ووجدت نفسي أقاسي الأمرين في ديار الغربة أين كان يشرف علي المناجير العالمي الهواري عمري الذي خضت تحت لواءه 25 نزالا احترافيا و فزت ب18 منازلة حتى لمع إسمي مجددا في الحلبات العالمية حيث فزت على خيرة الملاكمين الأفارقة من بينهم المالي سونوغو و كذلك وامبا و شي وامبا حتى أن مستواي سمح لي بإجراء منازلة على اللقب القاري لكن للأسف كنت سأخوضها في وهران لكن لعدة عوامل تم إحباط هذا الموعد القاري و كان ذلك بفعل فاعل أترك الزمن يرجع لي حقي و من ذلك الوقت كرهت المنافسة و تقاعدت عن الملاكمة .
بن قاسمية نجى بأعجوبة من لكماتي
لكن حسب علمنا أنك أجريت لقاءا استعراضيا مع محمد بن قاسمية عندما كان في أوج عطائه و تحول الاستعراض إلى حقيقة و اعترف محمد بن قاسمية بمستواك و طلب منك العودة للحلبة فما تعليقك؟
بالفعل نازلت استعراضيا محمد بن قاسمية و في لحظة من اللحظات انقلب النزال إلى منازلة رسمية فلولا تدخل الحكم و بعض العقلاء لانتهى اللقاء إلى ما لا يحمد عقباه و بعدها التقيت بمحمد بن قاسمية و أبدى إعجابه بقدراتي و شجعني على العودة مجددا للحلبة لكني رفضت علما أنني لم أكن لألقى التشجيع فلم أرد معاودة الخطأ مرة أخرى أو التجربة المرة مرة أخرى.
كلمة أخيرة
أشكر جريدتكم الإكترونية “المقال ” التي على حسب علمي باتت تنفض الغبار على الأبطال السابقين وهذا شيء جميل يستحق التنويه لكن أعود لأختم الحوار معكم برجائي من المسؤولين عن الرياضة أن لا يكرروا تجربة بودشيش محمد مع أي رياضي آخر فالجزائر تملك المواهب فما بقي سوى التشجيع و حظ سعيد للجميع.