حقّق الأولّون ما عجز عنه الحاليون أو بعبارة أخرى حقق الآباء ما عجز عنه الأبناء، هذه الجملة دائما ما نسمعها تتكرر عندما تذهب البركة في أبسط الأشياء.
و تلميحنا اليوم سوف يكون عن المحترفين الجزائريين في الخارج ما بين الأمس و اليوم. ففي حين اختار عوّار خّم الديّكة على حساب عرين الأسود و صرّح بدون حياء أن اختياره انصب لصالح البالماريس الرياضي لا غير وقعت فأس اختياره على رأس مشواره الكروي حيث لفظته الديكة في أول اختبار له و أصبح من بين المنبوذين كرويا,مثلما هو الشأن أيضا لفقير نبيل الذي لم يلق أدنى اهتمام من قبل “ديديي ديشامب” .
و في مقارنة بسيطة بين اختيار هؤلاء و ما فعله فريق “جبهة التحرير الوطني” يجعل أوجه المقارنة منعدمة فخلال مطالعتنا لأمجاد شيوخ كرة القدم الجزائريين الذين اقترنت مسيرتهم بثورة التحرير المباركة,وقعت أعيننا على مثال حي لا يزال حي يرزق و نتمنى له طول العمر و العافية هو رشيد مخلوفي أو ساحر نادي “سانت إيتيان” الفرنسي كما كان يلقب هذا اللاعب الأسطورة.
استطاع عمي رشيد بحب الوطن الذي أرضعته له المحن و الصعاب في الجزائر أيام كانت تئن تحت وطأة الاستعمار أن يبّدل الرخيص بالغالي,حيث كان أمير سانت إيتيان قاب قوسين من الالتحاق بالميرينغي أيام ديستيفانو أي العصر الذهبي,لكن نداء أول نوفمبر كان فوق كل اعتبار و ندّا لكل ظالم جبّار فمخلوفي أدار ظهره للملكي الذي يتوسل اللاعبون الحاليون للانضمام إلى صفوفه و يتذللون.
و ضرب بمكانه الأساسي في تشكيلة الديّكة عرض الحائط و اختار نداء الأفالان و صيحات الله أكبر في الجبال,و دوّخ خصوم الفريق الوطني أيام زمان و صال و جال و اعترف به الأعاجم و العربان و حتى المستعمر الغاشم الجبان.
كيف لا و خيرة لاعبي الديّكة السابقين يكّنون له الاحترام,و في مقدمتهم المدرب المونديالي إيمي جاكي الذي صرّح بأنه كان يحلم أن يصير كمخلوفي لكن الحظ لم يحالفه.
فحقا ما أضحت تحققه كتيبة محاربي بلماضي حاليا من إنجازات كروية ما هو إلا امتداد لروح فريق جبهة التحرير الوطني فطوبى لمن جعل وطنه فوق كل اعتبار و تعسا لمن بدل الغالي بالرخيص.