قد يبتلي الله أحدنا بمرض مزمن – مثل السكري أو السرطان أو التهاب المفاصل- ، وقد يصيب هذا المرض شخصا يمّت لنا بصلة قربى بحيث يرافقه طوال حياته، وعندها من الطبيعي أن نواجه مجموعة من المصاعب، فقد نشعر بأننا نعيش في دوامة من المشاعر التي تدور بين الرضى والغضب. إلا أننا يجب ألا نفقد الأمل، ويجب أن نذّكر أنفسنا بأن هذه المشاعر طبيعية، ومن المرجح أن تخفّ بمرور الوقت، كما يمكننا تعلم إدارة هذه المشاعر للعيش بحياة راضية من خلال مجموعة من الاستراتيجيات التي سنقدمها في هذا المقال.
لماذا يكون التعامل مع المرض المزمن صعباً للغاية؟
عندما تصاب بمرض مؤقت مثل التهاب الشعب الهوائية أو الأنفلونزا، فإنك تدرك أنك ستشعر بالتحسن وتعود إلى طبيعتك خلال فترة زمنية قصيرة، لكن التعامل مع المرض المزمن مختلف تماماً، فقد لا يزول المرض المزمن أبداً ويمكن أن يعطل حياتك وحياة عائلتك بعدة طرق. وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من عدد من أحداث الحياة المجهدة قبل التشخيص، والذين لديهم تاريخ من الاكتئاب، قد يكونون معرضين بشكل خاص لخطر الشدة النفسية عندما يعلمون أنهم مصابون بمرض مزمن.
ما هي آثار المرض المزمن؟
بالإضافة إلى الأعراض الخاصة بالمرض المزمن نفسه، يشكو الأشخاص عادة من أعراض غير مرئية مثل الألم والتعب واضطرابات في المزاج. وقد يصبح الألم والتعب جزءاً متكرراً من يومهم. التغيرات الجسدية الناجمة عن المرض قد تؤثر على مظهرهم، وهذه التغييرات يمكن أن تحول الصورة الذاتية الإيجابية إلى صورة سلبية، وعندما لا تشعر بالرضا عن نفسك، فقد تفضل أن تكون وحيداً وتنسحب من حياة الأصدقاء والأنشطة الاجتماعية.تعد الاضطرابات المزاجية مثل الاكتئاب والقلق شكاوى شائعة لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، لكنها قابلة للعلاج تماماً.يمكن أن يؤثّر المرض المزمن أيضاً على قدرتك على العمل، فقد تجبرك حالة التصّلب الصباحي ونطاق الحركة الضيق والقيود المادية الأخرى على تغيير أنشطة عملك وبيئتك، وقد يؤدي انخفاض القدرة على العمل أيضاً إلى مشاكل مالية.وإذا كانت المرأة ربّة منزل، فقد يستغرق عملها وقتاً أطول بكثير، وقد تحتاج إلى مساعدة من زوجها أو أحد أقاربها أو أحد مقدمي الرعاية الصحية المنزلية، ومع تغير حياتها، قد تشعر بفقدان السيطرة والقلق وعدم اليقين بشأن ما ينتظرها.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون هناك انعكاس في دور العائلة، حيث يتعين على أفراد الأسرة المقيمين العودة إلى العمل بسبب عدم قدرة الآخرين على العمل. يمكن أن يتسبب التوتر في تكوين مشاعرك تجاه الحياة، وقد يؤدي الضغط المطول إلى الإحباط والغضب واليأس وفي بعض الأحيان إلى الاكتئاب، والشخص المصاب بالمرض المزمن لن يكون الشخص الوحيد المتأثر؛ إذْ يتأثر أفراد الأسرة بتبعات مرضه أيضاً.
إذا كنتُ مصاباً بمرض مزمن، كيف يمكنني تحسين حياتي؟
إن الخطوة الأكثر أهمية التي يمكنك اتخاذها هي طلب المساعدة بمجرد أن تشعر بأنك أقل قدرة على التكيف مع مرضك، ويمكن أن تساعدك الاستراتيجيات الآتية في استعادة إحساسك بالتحكم وتحسين نوعية حياتك، وهو أمر يستحقه الجميع.
1- احصل على معلومات دقيقة عن حالتك
كلما زادت معرفتك بحالتك، كنت أفضل تجهيزاً لفهم ما يحدث ولماذا، وقم أولاً بتوجيه أسئلتك إلى طبيبك أو ممرضك، وإذا كنت تريد إجراء المزيد من الأبحاث المتعمقة، اسألهم عن المصادر الموثوق بها للمعلومات الطبية على الإنترنت.
2- اجعل طبيبك شريكاً في الرعاية
يجب أن تتحمل مسؤولية رعايتك بنفسك، ولا تتكئ بكل شيء على طبيبك، وطريقة واحدة للقيام بذلك هي الاستماع إلى جسمك وتتبع تغييراته، وإذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، فتعلم فحص ضغط الدم بنفسك، أو إذا كان قلبك يعاني من مشاكل في الإيقاع، فتحقق من نبضك بنفسك، وفي حال كنت مصاباً بفشل القلب، قم بوزن نفسك كل يوم وحدد الأعراض الخاصة بك، ويتيح لك هذا النوع من المراقبة المنزلية اكتشاف التغييرات الضارة قبل أن تتحول إلى مشكلة حقيقية.
3- ابنِ فريق الرعاية
الأطباء ليس لديهم كل الإجابات، لذلك لا بد من البحث عن الخبراء الحقيقيين، وقد يكون الممرض مساعداً أفضل لتتوقف عن التدخين أو البدء في ممارسة الرياضة، وستحصل على أفضل معلومات التغذية من اختصاصي التغذية.
4- نسق الرعاية الخاصة بك
في عالم مثالي، سيتحدث الأخصائيون الذين تراهم عن صحة قلبك ومرض السكري والتهاب المفاصل بعضهم مع بعض بين الحين والآخر عن رعايتك الطبية، ولكن في الواقع هذا لا يحدث عادة، ويمكن لطبيب الرعاية الأولية وضع طريقة العلاج الجيدة المناسبة لك، وعليك متابعتها شخصياً، أو بمساعدة شخص آخر.
5- قم باستثمار صحي في نفسك
يتضمن جزء من العلاج – بالنسبة لأي حالة مزمنة تقريباً – إجراء تغييرات في نمط الحياة، مثل التوقف عن التدخين، والتخلص من الوزن الزائد، وممارسة المزيد من الرياضة، والتحول إلى عادات الأكل الصحية، وعلى الرغم من أن هذه الخطوات تهمل، إلا أنها لا يجب أن تكون كذلك، والأشخاص الذين يقومون بمثل هذه التغييرات هم أكثر عرضة لإدارة حالة المرض المزمن بنجاح من أولئك الذين لا يفعلون ذلك، واستثمار الوقت والطاقة لإحداث تغييرات صحية عادة ما يكون مفيداً، وهي تتراوح من الشعور بالراحة إلى العيش لفترة أطول.
6- اجعل المشكلة شأناً أسرياً
تعد التغييرات التي تجريها على نمط الحياة لتخفيف حالة المرض المزمن مثل ارتفاع الكوليسترول في الدم أو أمراض القلب مفيدة للجميع تقريباً، إذْ بدلاً من الذهاب بمفردك، قم بدعوة أفراد الأسرة أو الأصدقاء للانضمام إليك.
7- أدر الأدوية الخاصة بك
أحياناً قد يكون من الصعب تذكر تناول حبة واحدة يومياً؛ فما بالك بإدارة 10 حبات أو أكثر. إن معرفة معلومات عن الأدوية التي تتناولها مثل لماذا تتناولها، وأفضل طريقة لتناولها، والمشاكل التي يجب متابعتها، أمور لا تل أهمية عن معرفة حالتك. لذلك فإن التحدث مع طبيبك أو الممرض أو الصيدلي، يمكن أن يضع المعلومات المتعلقة بالدواء بشكل منظم.
8- احذر من الاكتئاب
المزاج المظلم الكئيب يصيب ثلث أو أكثر المصابين بأمراض مزمنة، ويمكن أن يمنعك الاكتئاب من تناول الأدوية المهمة، أو زيارة طبيبك عند الحاجة، أو متابعة العادات الصحية.