فرحتنا بكأس العرب ممزوجة بأمل أن تصبح عندنا في الجزائر الرياضة كلعبة شعبية وجمالية وثقافية “قوّة ناعمة” في الدفاع عن صورة جديدة للدولة الجزائرية ومجابهة الصّور النّمطية التي كونها الاعلام الغربي وتقارير المؤسسات العالمية عن العرب والمسلمين.
إن هذه القُوة الناعمة الشعبية تمتلك القدرة على التأثير السياحي والدبلوماسي، فمنذ سنوات لاحظنا سعي بعض الدول لاستضافة ألعاب ومنافسات رياضية ليس لأسباب اقتصادية ولكن من أجل غايات دبلوماسية وثقاقية وسياحية، ومنها دولة قطر التي تراهن على كأس العالم بعدما استضافت منافسات رياضية سابقة وشكلت إلى جانب قوى ناعمة أخرى صورة الدولة الصغيرة الكبيرة في العالم،إلى جانب قناة الجزيرة ومشاريع كتارا وخلق أمكنة ذات أبعاد زمنية وحضارية مثل اللؤلؤة والمتاحف،إضافة إلى تحكمها في الملف الأفغاني وتسييره باقتدار دبلوماسي.
تمازجت جمالية اللعبة في كأس العرب مع جمالية الحضور التراثي سواء في “المعمار العربي -الإسلامي” من خلال تصاميم الملاعب على أشكال الخيمة والبيت والثمامة والإستلهام من البيئة الخليجية، إنها صفتا “الإغراء والجاذبية” كما يقول صاحب كتاب القؤة الناعمة .
كلمة العرب ليست تلك التي في مخيال الإستشراق وبعض الإعلام الغربي المقرونة بالتخلف والعنف والهمجية، إنها تعني القدرة على تحويل التراث والموروث إلى عالمية وقيم إنسانية من خلال الإبداع والمهارة في اللعب والفن والسياسة والعمران.
العرب تعني أيضا الضيافة واحترام الآخر وحقوق الإنسان، وتبقى الضيافة سنام القيم الموروثة وكيف يمكن الإبداع فيها ومن خلالها في مجال إستضافة الألعاب الرياضية وفي السياحة والدبلوماسية وحوار الأديان والثقافات.
هل أنتم معي أن”العربية والعروبة” ثقافة وقيم وليست عرقا وانتماء بيولوجياً،وقد كانت عند المقاومين والحركة الوطنية والمجاهدين تعني دفع الظلم والتميز عن القاوري “الفرنسي” المعتدي باسم المسيح عليه السلام ؟.
نحن مقبلون على ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران فهل يمكن تفجير المخزون التراثي والجمالي والفني لوهران برؤية جديدة تدرك أنه يمكن أن تكون هذه المدينة ميتربول عالمي وواجهة سياحية وثقافية، قوة إبداع تجمع بين الأصالة والمعاصرة،وتكون متوسطيتها هي وسطيتها في الرؤية للدين والعالم والآخر، وتحقق مركبا ديمغرافيا تكون الضيافة والحوار والجمال عناصره؟.
إن تشكيل صورة الجزائرية التي تعتبر الثورة التحريرية زخمها ومعنى وجودها تحتاج إلى ثورة في الإبتكار والإبداع،وأن تكون المؤسسات باستطاعتها الدخول في عصر القوى النّاعمة الجديدة.