كلنا يعلم بأن أول كلمة خاطب بها رب العّزة رسوله المصطفى الأمين بواسطة ملك الوحي جبريل هي “إقرأ” لما للكلمة من معنى للحياة المادية أين يترقى الإنسان و يصبح يفّتش في كل كبيرة و صغيرة حتى يصنع لنفسه حضارة ناتجة عن دراسة شّتى العلوم , أما الحياة المعنوية إن صح التعبير فهي ارتقاء الإنسان في تفكيره الأمر الذي يجعله يترّقى في مختلف الرتب.
إلى هنا الأمر يعتبر من المسلمات , لكن ما يعتبر دون ذلك هو عزوف معظم الشباب و لحقت العدوى حتى الشيّاب عن المطالعة , فأصبح كل من يفتح كتابا في المواصلات العامة ينظر إليه على أنه “حاسب نفسه مثقف”. و أصبحت الكتب إن لم نقل المجلات يطالعها أو يشاهد صورها أي شخص إما في صالونات الحلاقة أو عيادات الأطباء و كأن القراءة باتت مجرد تضييع للوقت إلى أن يحين الدور.
هذا الوضع المزري الذي لا يقابله العالم الغربي بالمثيل بل إن الجميع باستثناءات قليلة بطبيعة الحال يقرأ في شتى العلوم , و على إطلاع على كافة الإصدارات لمختلف دور النشر و يعرف الكتّاب بأسمائهم و حتى حياتهم الشخصية و تلحظ ذلك في وسائل المواصلات أين لا يضّيع الفرد في الغرب وقته أو يشّتت تفكيره في أمر غير ذي أهمية بل يكون الكتاب أنيسه في الميترو أو الباص و حتى في الطائرات و البواخر.
من هنا نعلم أن ما وصلوا إليه من رقّي و تطور لم يأت من فراغ , بل من تطبيق أول أمر إلهي خوطب به رسول الله عليه الصلاة و السلام “إقرأ” , فحين طّبق أسلافنا هذا الأمر كانت لنا عزّة و حضارة و حين انصرفنا عن تطبيق أول ما طلب من نبينا أصبحنا فيما نحن فيه دون شرح التفاصيل , و لا زال الغرب يريدنا أن لا نقرأ كي نبقى في سباتنا و هم يتطورون فمتى أمة “إقرأ” ستقرأ؟