“إزاي بقى حد مش مبسوط يربي حد سعيد؟”، هذا السؤال طرحته الفنانة مها أبو عوف خلال أحد مشاهدها في مسلسل “ليه لأ”، الجزء الثاني، الذي عُرض قبل بضعة أشهر.
لم يكن مجرد سؤال بالنسبة إلى الآلاف من عشاق فنها، بل اعتبروه حكمة تصلح لأن تكون ناموساً ينظم حياة الأشخاص على اختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم، وطُبعت الكلمات التي قيلت بصدق شديد في القلوب لا سيّما أنها تشبه مها نفسها التي عاشت الحياة بخفة تضاهي بساطة سؤالها.
ولدت مها في أسرة فنية ثرية والدها هو الملحن والموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، لكن حياتها كانت فصولاً من المآسي أو لنقل التحديات المؤلمة. حققت مها أول أحلامها بالانضمام إلى فرقة “فور إم” مع شقيقها الأكبر الفنان عزت أبو عوف وشقيقاتها الثلاث منى وميرفت ومنال في أواخر سبعينيات القرن الماضي.
على العكس من شقيقاتها، واصلت العمل في السينما والتلفزيون، وظهرت كوجه جديد في فيلم “لا تظلموا النساء” عام 1980 أمام الفنانة القديرة تحية كاريوكا وسعيد صالح وحسين الإمام بينما كانت تواصل دراستها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
تحديات متتالية
آنذاك، التقت حبها الأول عازف الغيتار الشهير عمر خورشيد، وتزوجا عام 1981 ليقضي في نفس السنة خلال حادث سير صرحت في مقابلات عديدة بأن الحادث كان مدبراً. عقب وفاته، غابت عن الشاشة نحو ثلاث سنوات قضتها في كمد ويأس.
ساهم شقيقها عزت في إخراجها من نوبة الحزن على رحيل زوجها، فأصر على اصطحابها في جولة غنائية لفرقته في تونس. وحين ابتسمت لها الحياة مرة أخرى، وتزوجت، صدمها الأطباء باستحالة إنجابها لمشاكل صحية. لكن “المعجزة” -كما وصفتها- حدثت، وحملت وأنجبت نجلها الوحيد شريف بعد نحو 15 عاماً من الزواج الثاني.
ابتعدت مها مرة أخرى عن الفن وكرّست 10 سنوات لتربية طفلها الذي اعتبرته “حلما” تحقق. لم تغب عن جمهورها حتى عندما عاجلها السرطان وتدهورت حالتها الصحية خلال العام المنقضي الذي شهد إنتاجاً فنياً وفيراً لها، وكأنما كانت تودع جمهورها عبر مسلسلات: “الدايرة” و”كله بالحب” و”زي القمر” و”ليه لأ2″، وأخيراً “الحرير المخملي”.
وكان عام 2019 آخر عهد مها في السينما حين شاركت في فيلم “الفيل الأزرق 2″، وفي المسرح حين شاركت في مسرحية “3 أيام في الساحل”.
توفيت مها أبو عوف في ساعة متقدمة من مساء الأربعاء 5 يناير، بعد نحو 30 شهراً على رحيل شقيقها عزت الذي تحدثت مراراً عن أهميته في حياتها وافتقادها له. وكانت قد أصيبت بالتهاب رئوي حاد تسبب مع تطورات إصابتها بالسرطان في نقلها إلى العناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة الجديدة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.