ما قل ودل

قصة حب أندلسية مازال الزمان يذكرها

شارك المقال

إن قصة حب ولادة وابن زيدون واحدة من أجمل قصص الحب والغرام في تاريخ الأندلس وفي تاريخ الأدب العربي بصفة عامة ، ولولا هذا الحب ما وصل إلينا هذا الشعر الجميل لابن زيدون ولولادة.

في حدائق مدينة قرطبة الأندلسية بدأ اللقاء الأول بين ابن زيدون وولادة …. هو في ميعة الشباب ، وهي أُنثى رائعة الجمال ، تحت ظلال الأشجار الوارفة ، كانا يتساقيان كؤوس الحب

تقول ولادة عن اللقاء الأول :

ترقب إذا جن الظلام زيارتي *** فإني رأيت الليل أكتم للسر

وبي منك لو كان البدر ما بدا *** وبالليل ما أدجى وبالنجم لم يسر

ويروي ابن زيدون الشاعر الولهان :

يا أخا البدر سناءً وسنى *** حفظ الله زمانا أطلعك

إن يطل بعدك ليلي فلكم *** بت أشكو قصر الليل معك

وتتعاون الإضرابات السياسية ، التي كانت سائدة في ذلك العصر ، وما نتج عنها من مؤامرات ووسائل لم ينج منها أي شيء حتى الحب الصادق بالإضافة إلى الغيرة ، ضد هذا الحب ، ومحدث القطيعة بين الحبيبين ابن زيدون وولادة.

ويرجع النقاد هذه القطيعة إلى أسباب شتّى ، منهم من يقول إنها الغيرة ، لما ذكر أنه في أحد الأيام استمع ابن زيدون إلى صوت جارية ولادة واسمها “عُتبة ” وطلب منها أن تعيد ، فغضبت ولادة إذ ظنت أن ابن زيدون بغازل جاريتها وسرعان ما أنشدت :

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا *** لم تهو جاريتي ولم تتخير

بينما يرى البعض الآخر أن سبب القطيعة بين ابن زيدون وولادة هو نقد ابن زيدون لبيت قالته ولادة وهو :

سقى الله أرضا قد غدت لك منزلا*** بكل سكوب هاطل الوبل مغدق

وكان نقد ابن زيدون للبيت بأنه أشبه بالدعاء على المحبوب من الدعاء له , وهنا اصطدمت ذات ولادة الشاعرية المتضخمة بذات ابن زيدون الناقدة ، وحدثت القطيعة  , وإن كان هناك من يرى أن القطيعة سببها انضمام ابن زيدون لحركة “الجهاورة” المعادية لبني أمية وهي بنت خليفة أموي .

وبعد مدة قدم ابن زيدون إلى المحاكمة وحكم عليه بالسجن..ومن سجنه راح ابن زيدون يئن ويتعذب ، ويكتب الكثير من القصائد الخالدة عن حبه الذي كان ، ولكن ولادة كانت قد أصّمت الأذن , ويهرب ابن زيدون من سجنه ويعفو عنه الخليفة ويحاول استعادة حّب ولاّدة برقيق الشعر وعذب القول علّها ترّق وتعود لأيام الحب الأول.

فيرسل لها قصيدته الشهيرة التي يقول فيها :

أضحى التنائي بديلا من تدانينا *** وناب عن طيب لقيانا تجافينا

ولكن هيهات لقلبها القسّي أن يحّن , لقد تمكّنت ولادة من ابن زيدون حتى بهجرانها فقد فجّرت به طاقات شعرية هائلة أغنت تراثنا الشعري ، فلقد أحّب وتعّذب وعانى من أجل حب ضائع وما تمّكن من استعادته حتى آخر لحظة من عمره ومات ابن زيدون وماتت ولادة وبقي حبهما يحكى وينشد في دواوين الأدب عبر العصور.

 

 

 

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram