ما قل ودل

“الإحاطة في أخبار غرناطة”… جوهرة لسان الدين ابن الخطيب

شارك المقال

يكنى أبا عبد الله ويلقب ب “لسان الدين “، وهو من الألقاب المشرقية، نشأ بغرناطة وتأدب على شيوخها وهم كثر، فأخذ عنهم القرآن والفقه والتفسير واللغة والرواية والطب وصناعة التعديل، وقد ذكرهم تحت عنوان المشيخة في آخر كتاب الإحاطة.

أسبغ عليه الغني بالله لقب ذي الوزارتين لجمعه بين الوزارة والكتابة، ويقال له “ذو العمرين ” لاشتغاله بتدبير الحكم في نهاره و التصنيف في ليله. ولد بمدينة لوشة في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 713هـ وتوفي قتيلا بمدينة فاس في ربيع الأول من عام 776ه.

وعنوان الكتاب يدل على الغاية التي رمى إليها ابن الخطيب بتأليفه، وهي تقديم صورة شاملة عن كل ما يتعلق بغرناطة من أوصاف وأخبار، فذكر مروجها وجبالها وأنهاره.

ترجم في الكتاب لأربعمائة وثلاثة وتسعين ( 493 ) شخصية أندلسية ممن حكموا غرناطة أو وفدوا إليها من المغرب أو المشرق، من ملوك وأمراء وأعيان وولاة ووزراء وقضاة وأعيان وزهاد وصوفية، ولم ينس أن يكتب سيرته الذاتية في آخر الكتاب.

ولكنها ترجمة موجزة تناولت نسبه ومولده ونشأته وتقلده الوزارة لأبي الحجاج يوسف النصري ثم ولده الغني بالله، ونكبته مع الغني وهجرته إلى المغرب، ثم عودته مع الغني سنة 763 هـ، ثم مشيخته ومؤلفاته وإيراده بعض الشعر.

الكتاب لم يكتب دفعة واحدة، فقد بدأ بجمعه قبل نفيه مع سلطانه الغني بالله سنة 761هـ، واستأنف العمل من أشهر وأضخم مؤلفات لسان الدين بن الخطيب، والذي استهله بمقدمة مسجعة بدأها بالحمد والثناء.

ثم انتقل إلى ذكر السبب الذي دعاه إلى كتابته وهو أن بعض المصنفين أفرد لوطنه تاريخاً، ك“تاريخ مدينة بخارى ” لمحمد بن أحمد بن سليمان الفخار، و “تاريخ بغداد ” للخطيب أبي بكر أحمد بن علي البغدادي، و”تاريخ دمشق ” لأبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر، و “تاريخ مصر ” لعبد الرحمان بن أحمد بن نواس، و “تاريخ مالقة ” لأبي عبد الله بن عسكر، فداخلته عصبية حب الوطن، فأقدم على كتابة تاريخ وطنه غرناطة.

وقد استعمل ابن الخطيب أكثر من تسمية للكتاب، فذكره إلى جانب العنوان الذي وضع به هذا الكتاب، بأسماء: “الإحاطة بتاريخ غرناطة ” الذي قال إنه في سبعة أسفار؛ و “الإحاطة بما تيسر من تاريخ غرناطة” الذي قال إنه في تسعة أسفار “؛ و “تاريخ غرناطة “الذي قال إنه “في اثني عشر سفراً “، كما ذكره بعنوان “الإماطة عن وجه الإحاطة في ما أمكن من تاريخ غرناطة.

أعتمد ابن الخطيب في تأليفه على مجموعة من الكتب من أهمها “تاريخ أبي عبد الله محمد بن جزي الغرناطي “، إضافة إلى الوثائق والمعلومات التي أخذها من ذوي الشأن من معاصريه. ويعد الكتاب من أهم المصادر الأندلسية في التراجم والتاريخ، فهو من جهة معجم في التراجم، ومن جهة ثانية كتاب في التاريخ.

 

المصدر: عن موقع المعرفة الأندلسية بتصرف المقال

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram