“يا حسراه على سردين زمان” و” يا حسراه على جمبري زمان” كلها عبارات أسى و تأسّي أضحى يرددها كل من عايش الحقبة الذهبية للصيد البحري بمدينة وهران التي هجرتها أسماكها التي كانت ترتع بجوانب سواحلها و هجرت اليوم نحو الأعماق بدون رجعة.
فكل من له دراية بميدان الصيد البحري يدّق من خلال تصريحاته ناقوس الخطر الذي أضحى يلّم بالشواطئ الوهرانية خصوصا و الجزائرية على وجه العموم فسعر السردين الذي نتخذه في مقامنا هذا مثالا لسمك “الزوالية” و ” القلاليل” أضحى بسبب سياسة الصيد العشوائي مفارقا للموائد حيث أن سعره لم يهبط منذ الصيف الماضي تحت عتبة 600 دج ويصل ثمنه في بعض الأحيان إلى 1000دج.
هذا التضارب في عدم استقرار ثمن هذا النوع من الأسماك و لا داعي لذكر أسعار الجمبري و “الصولا” و كذا سمك “أبو منقار” لأن أسعارهم في بعض الأحيان تراوح 6500دج فمثلما يعلم العام و الخاص فالمتسبب رقم واحد في هذا الوضع المزري هم الصيادون عديمي الضمير الذين لغّموا مختلف مناطق الشريط الساحلي للباهية و راحوا ينسفون الثروة السمكية بالديناميت كي يحصلون على السمك بصفة سهلة و سريعة.
لكن عواقب هذه الطريقة البربرية نفّرت أسراب السردين و قضت على معاقلها التي قدر مختصو البيئة بوهران أن ترميمها الطبيعي سيراوح ما بين الخمسين سنة فما فوق و لم يقف أعداء الطبيعة هؤلاء عند هذا الحد فحسب بل أصبحوا لا يراعون حتى فترات التفريخ لدى الأسماك و بات الصيد يجري في كل فصول السنة رغم أن القوانين تمنعه من شهر ماي إلى شهر سبتمبر و هي فترة تفقيص البيض التي في حالة خرقها فإنها تقضي على تكاثر هاته الأسماك.
و رغم هذه التحذيرات فإن المخالفون يضربون بها عرض الحائط و يخوضون البحر و رغم تخصيص السلطات الأمنية لشرطة بحرية خاصة بمراقبة الصيد التي تردع بحجز القوارب المخالفة و تقديم أصحابها للمحاكمة.
إلا أن عمليات نهب الثروة السمكية لا تزال سارية المفعول حتى أن الإسبان أصبحوا يستغلون سذاجة و جشع صيادينا و راحو يشترون ثرواتهم عليهم نقدا في عرض البحر , كما أنهم أصبحوا يسخّرون طائرات الهيلكوبتر لتغيير مجرى قطعان الأسماك عبر البحر اتجاه الشواطئ الأيبيرية و السؤال الذي يبقى مطروحا ماذا عنا نحن و ما يستقيم ظلنا ؟ .