ويستشهد بعضهم في ذلك بقصّة عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد حكم لزوجة بنصف تركة زوجها المتوفّى لانها كانت شريكته في التجارة، وقد تحدث إمام الأزهر عن عمل المرأة وجهدها في حياتها مع زوجها ولذا لها النصف من التركة على أنها لها الحقّ العادي المنصوص شرعا في النصف المتبقّى.
تناولت ذلك الصحف ووكالات الأخبار أمس، كما ثمنت جمعيات نسوية ومدنية ذلك، وهذا التجاوب مع دعوة الإمام تبين ضرورة فهم واقعنا والأزمات الناشئة في قضايا الميراث والطلاق والأسرة، وقد كرست مدونة الأسرة المغربية مبدأ (حقّ الكد والسعاية) مستفيدة من دراسة نوازل فقهية مغاربية عرفت هذه الظواهر منذ ستة قرون خلت.
إن الشيخ أحمد الطيب يفكر بروح منظومة القيم القرآنية كمصدر للتشريع وهي قيم المحبة والرحمة والعدل والحقّ ومتبصِّراً بواقع الحال مدركاً لتحولاته عارفا ومطلعاً على العلوم الاحتماعية والإنسانية ومستقلاً برأيه، فهو على درب شيخ الأزهر المصلح محمد عبده.
هل نحن أمام (فقه جديد) رباني وإنساني يحيي القيم القرآنية الكونية ويستصحب ويستحسن قيم الرحمة والحق والعدل؟ وتحتاج مثل هذه الآراء إلى مؤسسة تحميك وتعضدك؟ وأن لا يخاف الفقيه من سلطة الشعبوية والتخويف من التقليد أو الذين يسارعون إلى التكفير والتفسيق والتبديع ؟.
تذكرت هنا زميلا لي من المشايخ المفتين في الجزائر منذ سنوات قال لي علينا أن نلغي الطلاق بدون عقد مادام الزواج بعقد لكنه لم يصدح به ويحدث به نفسه او من هو قريب منه فقط.
وكنت قد قرأت هذا الرأي عند جمال البنا حيث قال: كل أيمان الطلاق تعدّ لا غية ولا قيمة لها لأنها تُخالف أصول العقد فالزواج عقد بإيجاب وقبول وعلانية وشهود فإذا أريد فسخ العقد فلا يجوز هذا الا بالشروط التي انعقد بها، أي لا يعتدّ بالطلاق الا في حالة واحدة بشهود واتفاق بين الطرفين وتسوية ما بينهما من حقوق وواجبات.
قضايا الميراث والأسرة في مجتمعاتنا التي يتداخل فيها ما هو تقليدي بما هو حديث يطرح أزمات كبرى تحتاج الرأي الحصيف والاجتهاد المتبصر الذي لا يعبث بالأصول والواقع، وإلى مؤسسات دينية وتشريعية كفؤة وتتحمل مسؤوليتها التاريخية أمام الله والمواطنين والمستقبل والإنسانية.