واستلهم فيها التاريخ العربي في الأندلس، وأورد بعضًا من مشاعر الحسرات والحزن والتوجُّع، فكانت القصيدة تُثير عاطفة الحزن والنّوح معًا، ويقول في مطلعها…
يا نائِحَ الطَلحِ أَشباهٌ عَوادينا
نَشجى لِواديكَ أَم نَأسى لِوادينا
ماذا تَقُصُّ عَلَينا غَيرَ أَنَّ يَدًا
قَصَّت جَناحَكَ جالَت في حَواشينا
رَمى بِنا البَينُ أَيكًا غَيرَ سامِرِنا
أَخا الغَريبِ وَظِلّاً غَيرَ نادينا
كُلٌّ رَمَتهُ النَوى ريشَ الفِراقُ لَنا
سَهماً وَسُلَّ عَلَيكَ البَينُ سِكّينا
إِذا دَعا الشَوقُ لَم نَبرَح بِمُنصَدِعٍ
مِنَ الجَناحَينِ عَيٍّ لا يُلَبّينا
علما أن الأندلس رغم ضياع آخر قلاعه غرناطة منذ سبع قرون تقريبا لا يزال الشعراء و الكتاب يبكونه بأسف و بكل أسى و حسرات على ما ضاع من الفردوس المفقود حيث أسّس العرب طيلة ثمانية قرون من الزمان حضارة لا تزال تحكي أثارها عنها و نحن نبكي أيضا لعالم فقد كأنه قارة أتلانتيس الغارقة في أعماق المحيط
و نستذكر ما قاله الشعراء من شعر و غزل و نظل نتحف بأقوال إبن زيدون الذي رثاه أحمد شوقي بينما النونية الأصلية يقول فيها شاعر بلاط إبن عباد في مطلعها…
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا … وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا … حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم … حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا … أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى … فدعوا بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا … وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا