الجزء الثالث
في الحلقة الثالثة من سلسلة وهران تحكي تاريخها المجيد سوف ندخل من نافذة أيام الزيريين أين نستحضر توّلي فتوح أخو محمد بن الخير الأمر بوهران و بمساعدة إبني أخيه و نظّم من جديد جيش مغراوة و استطاع أن يقتل زيري بن مناد .
فأخذ بلكين بثأر أبيه و استطاع أن يفتح المغرب كله ماعدا سبتة , فأصبحت وهران تحت مراقبة الزيريين الذين كانوا يحكمون بإفريقية و المغرب باسم الفاطميين , و بقيت هكذا إلى سنة 988 م , حيث ثار أبو البهار بن زيري بن مناد على إبن أخيه المنصور و احتل المدينة و خضع لخليفة قرطبة غير أنه ما لبث أن خضع من جديد للزيريين.
فأصبحت وهران إذ ذاك مباشرة تحت سلطة والي تاهرت و لكن بعدما خضع خلوف بن أبي بكر والي هذه المدينة للأمويين خضعت وهران من جديد لخليفة قرطبة .
و في سنة 991 م احتل زيري بن عطية قائد مغراوة الذي كان على رأس مملكة فاس باسم الأمويين , وهران و بعث إلى الخليفة هدايا كثيرة منها مائتي حصان نفيسة , و خمسين جملا مهريا , و ألف ترس من جلد اللمط ( نوع من البقر الوحشي ) و ألف حملة من نسيج الصوف الرقيق و زرافة و سمي واليا على المغرب و لكن اغتنم زيري بن عطية فرصة عزل الحاكم الثاني خليفة قرطبة من طرف المنصور بن أبي عامر الوزير القوي و أعلن استقلاله.
فأرسل المنصور جيشا تحت قيادة واضح يضم في صفوفه خزرون بن محمد أحد رجال قبيلة ازداجة فحاربته فانهزم زيري بن عطية و عين واضح واليا على المغرب فسمى خزرون بن محمد على رأس ناحية وهران فرجع إليها ازداجة الذين كانوا ساهموا في بناءها أفواجا أفواجا .
و في بداية القرن الحادي عشر نظم زيري بن عطية جيشه من جديد و توجه نحو المغرب الأوسط و فتح وهران التي كان غادرها ازداجة بسرعة عند قدومه فطلب حماية الفاطميين و حصل عليها في سنة 1016 م استطاع ازداجة أن يتولوا الأمر بوهران و لكن ما لبث المعز إبن زيري بن عطية الذي خلف أباه بعد موته أن يطردهم منها على رأسها أبناء خزر الزناتي الذين استمروا في الحكم سنين عديدة .
عرفت وهران إذ ذاك فترة هدوء طويلة بحيث أن المؤرخين لا يشيرون إلى أي حدث وقع بين سقوط المدينة بين أيدي بني خزر و فتحها من طرف المرابطين تحت قيادة يوسف بن تاشفين سنة 1082م.
فازدهرت وهران بدون شك في عهد حكامها الجدد الذين ملكوها إلى سنة 1145 م حيث أصبحت مسرحا لأحداث دامية .
في هذه الفترة كان الأمير المرابطي تاشفين بن علي محاصرا بتلمسان قصد وهران حيث لجأ إلى حصن كان يملكه على شاطئ البحر و من هناك بعث رسالة إلى إبن ميمون قائد أسطوله أمره فيها بتحضير عشرة مراكب و توجيهها إلى الميناء الأقرب من الحصن ليستطيع عند الاقتضاء أن يقصد الأندلس.
و بعد ذلك نزل خارج المدينة بينما نزل عبد المؤمن الخليفة الموحدي الذي كان تبعه الجبل الذي يطل على وهران فتقاتل الجيشان كل يوم و خلال أشهر عديدة فوقعت بينهما معارك شديدة كانت تنتهي دائما لفائدة الموحدين .
فخمدت شجاعة تاشفين بعد أربع سنين من المعارك المستمرة و بعد موت الزبرتير أحسن قادته و تضعضع بعد انهزاماته الأخيرة فغادر معسكره سرا و قصد الحصن الذي كان بناه على الساحل فعلم الموحدون بذهابه و أحاطوا بالحصن الذي لجأ إليه و احرقوه و حتى ينجو من الحريق خرج من الحصن و لكن من حيث أن الليل كان مظلما سقط من أعلى الجرف و في صباح الغد وجده الموحدون ميتا و فرسه تحته وقع هذا الحدث في 27 رمضان 539 هـ / 23 مارس 1145 م.
و بعد ثلاثة أيام , فتح الشيخ أبو حفص عمر مدينة وهران التي كانت فقدت عددا كبيرا من سكانها الذين كانوا قد ماتوا من العطش فهدم الشيخ أبو حفص عمر أسوار المدينة و قتل جميع أنصارها ما عدا أحدهم الذي بودل بأخت عبد المؤمن و بنتيها اللتين كانتا مسجونتين بمدينة فاس .
على بعد أشهر من إنطلاق الألعاب المتوسطية…وهران تحكي أسرار تاريخها للزوار