أول المتأثرين من آثار الحرب المدمرة التي نشبت بين الروس و الأوكرانيين هي كرة القدم التي باتت تتهيئ لمعرفة آخر الواصلين للمونديال القطري , لكن يبدو أن الأمور و تسارعها جعلت الفيفا مثلما جاء على لسان رئيسها “جياني إينفانتينو ” تتخذ عدة قرارات و على رأسها تغيير مكان مباراة نهائي “الشامبينزليغ” التي كانت مبرمجة في روسيا .
و أثبثت مرة أخرى كرة القدم رغم أنها مصنوعة من الجلد المنفوخ أنها تتوّجع بمجرد سماعها أنين البشر , و الأمثلة على ذلك كثيرة حيث تعود بنا الذاكرة للعدوان الإسرائيلي على صبرا و شاتيلا في لبنان و كذا الحرب الأهلية اللبنانية التي بسببها نسي الشعب اللبناني مصطلح “فوتبول ” و مع انتهاء الحرب و كل أشكال العدوان عادت الكرة للميادين .
و هي رسالة لكل المتتبعين للشأن العالمي أن كرة القدم بما فيها من منافسة تصل حتى اللعب الخشن و البكاء و الحزن أحيانا عند الإقصاء , فهي بمثابة حمامة سلام تقف لجانب القضايا العادلة و لا تحب القوة المفرطة و لا حتى الإستعمار .
و هنا نستذكر لعب كرة القدم دورها في مساندة التحّرر حيث لعب منتخب جبهة التحرير الوطني دورا رئيسيا في التعريف بالقضية الجزائرية و كفاحها العادل ضد الفرنسيين , و زاملت المستديرة دوّي رصاص الأحرار في الجبال و استطاعت الكرة الجزائرية أن تهزم أعتى قوة استعمارية و نفس الشيئ لعبته الكرة الجزائرية في سنوات العشرية الحمراء أين استطاعت من خلالها الجماهير بالفرجة تجاوز الأزمة حينها.
و يبقى الخاسر الأكبر من خلال الحرب المندلعة مؤخرا هو القضاء على مشوار النوادي الأوكرانية التي بدأت تلامس الرقّي الكروي العالمي و الأوروبي , حتى أن نادي شاختار دونيسك الذي سبق له و أن فاز على ريال مدريد و أعتى الأندية الأوروبية بات محكوم عليه بالركود الكروي حتى أن لاعبيه باتوا محاصرين من نيران المدفعية الروسية و الصواريخ .
لكن يبدو أن الكرة لا تعترف لا بالعرق و لا بالدين و لا بقوة جيش على حساب آخر بل تعترف بالإنسانية , و هو ما ظهر من خلال المواساة التي لاقاها اللاعبون الأوكرانيون من قبل لاعبي العالم حيث حمل هؤلاء كل أواصر المحبة و التعاطف على ما تعيشه أوكرانيا جراء الحرب.
و تمنى الجميع إيقافها في أقرب وقت ممكن و هو ما ظهر من خلال الأعلام التي رفعت في المدرجات و كذا الحسابات التي تم تقاسمها على صدر صفحات أشهر اللاعبين , و الجميع بات متعاطفا خلال هذه الأزمة , خصوصا مع الخرجة الأخيرة لصاحب الكرة الذهبية في السابق “شيفشينكو ” الذي قال صراحة نحن نريد السلام و على الحرب أن يهزمها الحب و الوئام .