ما قل ودل

” المقامة المعسكرية ” عن حلقة الدراويش…حكاية محبوكة للشيخ بن عيسى

مدخل معسكر من بابا علي قديما و يقابلها صورة فارس عربي أصيل

شارك المقال

الجزء الأخير

في الجزء الاول من المقامة المعسكرية للشيخ بن عيسى سردنا قضية تسكع بطل الحكاية في شوارع معسكر أيم زمان حين كانت النية و البركة و كان الضيف يرحب به في كل مكان و زمان و ها نحن اليوم نكمل معكم بقي القصة التي يكملها أشعب مدينة معسكر  مواصلا قوله…

فأعمدت الى كيسي، و جبدت دورو من حرّ نفيسي، و لحت به فالڤارة، و أخذت فاتحة منارة، فلمّا كلّت الزيار من الأوّلين إلى الأخرين، وختم المفتح بولاء الضالّين، تقدّم المقدّم، و جمع المسلهم، و قال بارك الله فيكم.

وأثبت مساعيكم فلم يبق من بعد الفاتحة، إلاّ التسريحة، ثمّ إن الغاشي تفيع، و الماشي تشيع، بقيت أنا آخر الناس، ناويا للمبات في الجلاس، فلمّا ما بقي سوى الشيخ و أصحابه، هلمم معهم و رفع عن عمامته.

فقربت إليهم لأستفيد من حكمتهم، فصرت أحقّق النظر في الشيخ بتوسّم الأمالي، إذ هو علاّمتنا ابن عيسى العوالي، فعلمت أن الليلة ليلة ختل و مكر، و شبكة خدع ونكر، فلمّا نظرني خفّ بالقيام إليّ، وتباشر بالسلام عليّ.

فسلّمت عليه وعظّمت سلامه، و أجلسني في موضع حذاه، وانبسطنا في الحديث، و حلينا في الحثيث، ثمّ إني ذنوت الى جانبه، و خاليـته في أذنه، و قلت له أن زيارتي في هذه الليلة ليست بزيارة، و إنما هي تزميرة.

و يا ليتني لي بتّ بدُورُيَ في الدار الكبيرة، فصخك حتّى تقهقه، و نظر اليّ و تبختر و مهمه، و احمرّ وجهه و تنهنه، و قال لك عنّي، و اسمع منّي، الحمد لله مولانا الأمين، و الشكر له على نعمة اليقين، فالنصر منه و الفتح المبين.

لا تندمنّ يا حبيب القلب والعين، أحسنت ظنك بالمولى المعين، فالحاجة تقضى والفواتح مقبلين، فاحمد الله وكن من الشاكرين، فقلت له اللهمّ اجعلنا من المهتدين، و أن يجعلنا من عباده المؤمنين.

و بتنا على الڤانة، طول الليلة، فلمّا انشق خيط الفجر، صلّينا ركعات الأجر، ثمّ خرج ابن عيسى كالهوش، و قال لي يا ابن العربي اتبعني في هذا الدردوش، قبل أن تفتح عين المغشوش، فطلقت عناني حوله، وسرت ملاصقا كتفه.

ثمّ سألني قائلا ما لك في الإضمار، ما أتيت تقضي في هذا السوق المعمار، قلت له أردت أن أشتري مجدار أو كيدار، فقال اتبعني في هذه الطريق، و على الله التوفيق، فانطلقنا الى أن وصلنا فندقا.

و دخلنا إلى قرب طبلة من الخيل عتقا، و قال لي خذ هذا العود، فإنه هدوه لي أهل الطود، وأني أهبه لك على الأبود، ثمّ أخرج لي سرجا و عمارة، و جلالا و مشبارة، فأسرجنا العود وشدّ لي الركاب.

و تمشّى معي حتّى جزنا الباب، و ختم لي بدعا الألباب، و ودّعني و انقلب راجعا، وسافرت وحدي قانعا، وهبطت ديل السلوڤي و أنا متأمل في حاله و محاله، فلم اعلم أذمه لخبث أعماله و أفعاله، أم أمدحه لمزيته و أعطافه .

” المقامة المعسكرية ” عن حلقة الدراويش…حكاية محبوكة للشيخ بن عيسى

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram