قدّمت مدينة وهران في حيها الشعبي المدينة الجديدة في مثل هذا اليوم 28 فبراير 1962 ثمانون شهيدا و ل150 جريح الذين تفاوتت إصاباتهم بين من بترت أطرافه و بين من قضى سويعات بعد الإعتداء الهمجي الجبان الذي قامت به المنظمة السرية الإجرامية “لواس” .
و دعونا أعزاءنا القراء نستذكر الحادثة التي صلبت من خلالها أجساد الوهرانيين على مذبح الحرية من أجل إعلاء كلمة “تحيا الجزائر حرة مستقلة ” , فالحقد الدفين الذي ظّل يضمره الفرنسيون عبر أذيالهم الإسبان الذين استوطنوا وهران بعد الحملة الفرنسية الإستعمارية ترجموه على واقع محاكم التفتيش لكن بتنفيذ هجومات جبانة في يوم من أيام رمضان.
يقول أحد الشيوخ المدعو عمي أحمد أن ذاك اليوم المشؤوم حينها كان رمضان و الساعة كانت تشير إلى الخامسة إلا ربع و كعادة الوهرانيين في الشهر الفضيل بدأت تدّب الحركة في السوق الشعبي للمدينة الجديدة فهذا يشتري لوازم آخر لحظة لإعداد الفطور و آخر ينتظر دوره من أجل الحصول على زلابية “بولحية ” المعروفة .
و كان الجزائريون حينها يحلمون بيوم الإستقلال حيث أن فرنسا “ديغول ” بدأت تئّن من الضربات التي تلقتها من جيش التحرير في كل شبر من أرض الجزائر الطاهرة من شمالها لجنوبها و من شرقها لغربها حتى أنها بدأت تطأطأ رأسها في أروقة الأمم المتحدة مترّددة في إيقاف الإستيطان و العودة من حيث أتت منذ 132 عام .
و قابلت هذه الإرهاصات منظمة الجيش السري التي أبت إلا أن تبقى الجزائر فرنسية رغم أنف الحكومة الفرنسية الرسمية , و قامت بتكوين جيش موازي هدفه كان إجرامي , فخطط هؤلاء الأنذال لعملية جبانة لم ترحم الصغير قبل الشيخ الكبير .
و رغم ملاحظة الوهرانيين لتواجد سيارتين من نوع سيتروان و كذلك بيجو 403 إلا أن تفكير الأحرار لم يذهب للشك في محتوياتها حيث كانتا مليئتين بالعبوات الناسفة و تم الإنفجار الذي حول السوق إلى مشرحة حقيقية أمام هول العائلات التي باتت تتفقد كل من خرج لتوه من أجل التحضير لإفطار رمضان .
فقضى من قضى و نجى بعاهة مستديمة من نجى و ثكلت العجائز في أولادهم و أزواجهم و بناتهم و أطفالهم , و ترّملت النساء رغما عنهن و يتّم أولاد و بنات صغار دون إرادتهم , ليظهر الحقد الدفين الذي يكنه أبناء الأقدام السوداء من أجيال محاكم التفتيش الذين اختاروا هذا اليوم بالذات كإنتقام لتحرير وهران من الإسبان بتاريخ 27 فبراير 1792 .
و لا تزال العجائز و الشيوخ يحتفظون بهذه الذكرى الأليمة حتى أن عمي حسان صرح لجريدة “المقال” أن منظمة “لواس” منذ تلك التفجيرات باتت تتصّيد الوهرانيين بطريقة أخرى , عن طريق قذائف مدفع “المورتر” حيث كانت تأتي من أسطح العمارات بحي الأوروبيين “سان ميشال” المعروف لدى الوهرانيين تحت تسمية “البلاطو” .
أين كانت تلقى القذيفة الأولى عمدا و عندما تصيب أهدافها البشرية يقول عمي حسان كنا لا نحمل الجثث و ننتظر ربع ساعة حتى لا يباغثنا عديمو الأخلاق و الشرف بقذيفة أخرى عقب تجمعات إسعاف الجرحى و نقل الشهداء الذي يقضون في الهجوم حيث كانت تلك هي غايتهم أي تشتيت شمل أي تجمع جزائري .