أشعلت الحرب التي تشنها روسيا اليوم على أوكرانيا الحمّية العرقية و كذا الدينية التي ما فتئ يتغاضى عنها الغرب و يلصقونها بمعشر المسلمين و العرب عموما إذا ما احتفلوا في انتصاراتهم الرياضية تضامنا مع غزة أو وقوفا لجانب مسلمي “الويغور” أو الإنسحاب تفاديا لملاقاة أي خصم صهيوني .
فبمجرد أن هجمت الدبّابات الروسية على الحدود الأوكرانية انقلب هذا التشّدق بمعاني التسامح و الديموقراطية الزائفة إلى تعّصب و الوقوف لجانب أوكرانيا , و ظهر ذلك جليا من خلال رفع الأعلام و اللافتات المؤيدة لأنصار الرئيس زيلينسكي و لبس الألوان الأوكرانية كنوع من التعاطف اللامحدود .
لكن أين كان هذا التعاطف و التشّدق عندما عبّر محمد أبوتريكة عن وقوفه لجانب غزّة المحاصرة التي قتل فيها الأطفال و العجائز و الشيوخ الذين لا ذنب لهم سوى حبّهم لأرضهم و ذودهم عنها و عن دينهم السمح , أين كان هؤلاء المتشدقون عندما نكّل بأبناء كوسوفو و ضحايا محرقة “سيربرينيتشا” في حرب هوجاء طاحنة أكلت الأخضر و اليابس و اقتلعت حتى جثث الموتى من قبورهم .
أين كان هؤلاء عندما نادى اللاعب الألماني ذو الأصول التركية مسعود أوزيل بالكف عن تهجير و ترويع المسلمين الروهينغا في إقليم “سينشوان” بتركستان الشرقية التابعة قهر و جورا و ظلما للصينيين حيث حوصر و ظلم مسعود جراء تعاطفه مع القضية الويغورية .
و أين كان هؤلاء أيضا عندما تم السكوت عن “الهولوكوست” البشري الذي تم من خلاله تصفية مسلمي ميانمار في بورما و لماذا هذا التعامل بمكيالين .
و أين كانت هيئة “الفيفا” العالمية عندما مورست على “عمر كانوتي ” عدة ضغوطات جرّاء مناصرته للقضية الفلسطينية علنا.
و أين كان هؤلاء المتشّدقون المتحّضرون أيضا عندما نصحوا المرحوم و بطل العالم في الفن النبيل لكل الأوقات محمد علي كلاي بعدم الخلط بين الدّين و الرياضة و أيضا الإبتعاد عن السياسة و التغاضي على حرب فيتنام التي شنتها الولايات المتحدة بلا هوادة .
و نزيد الغرب من الشعر بيتا أين كان أبطال الديموقراطية عندما عوقب المصارع الجزائري فتحي نورين خلال الألعاب الأولمبية لمدة عشر سنين عندما رفض مقارعة مصارع صهيوني و فضّل مناصرة قضية فلسطين العادلة ذودا عن الكرامة العربية أو ما تبقى منها إن صح التعبير .
فأين كان هؤلاء من ما جرى من جور و ظلم و بقوا يقفون متفّرجين ناعتين العرب و المسلمين بالحمّية للقضايا التي حسبهم تعالج في صالونات الندوات الدولية و أروقة الأمم المتحدة.
أفليس هكذا تصرفات تكشف النقاب عن الوجه الحقيقي للغرب الذي يدعو لحرية التعبير و حرية المعتقد أم أن الروس و حربهم الخاطفة كشفت القناع عن ما يحاك ضد كل ما هو يعنينا في الظلام .
فعلا لله في خلقه شؤون و رحم كل امرئ مات على ما آمن به و لو اجتمعت عليه أساطيل الإنس و الجن .