يعتبر حي مارافال بمدينة وهران الذي يحمل تسمية حي العثمانية في الوقت الراهن أيقونة الأحياء بامتياز , حيث أنك في سابق عهده تجد فيه من كل بستان زهرة فترعرع في هذا الحي ثلة من المشاهير و في كل الميادين من رياضة إلى الفن و حتى العلماء في مختلف الإختصاصات من فقه و دين إلى الفزياء و الكيمياء الذين باتوا يصنعون أفراح الأوروبيين حاليا .
و بصفتي إبن هذا الحي العتيق الذي يقع في الجهة الغربية في خارطة وهران القديمة , آثرت الكتابة عنه و التأريخ له و أنا أمسك بدموعي و عبراتي لما عشته من ذكريات جميلة لا تنسى في هذا الحي الجميل.
الذي كان محاطا فيما مضى بالبركة من كل جانب و كان الجيران بمثابة إخوة و عائلة واحدة مهما تعددت الشوارع أو الحومات , فإبن مارافال عندما يجد آخر حتى يومنا هذا في ديار الغربة أو حتى أثناء أداء الخدمة الوطنية أو في أي بقعة من الوطن يرى فيه نفسه ووجب عليه إلزاما مساعدته لأن الأمر ليس مجرد ذكرى للحي العتيق , بل هو انتماء أولا و قبل كل شيء .
و رغم أن العولمة ألّمت بالحي و هاجر من هاجر و انتقل لدار الفناء من انتقل , إلا أن التبعية الروحية لمارافال لا تزال موجودة و ملموسة حتى أنها انتقلت نحو العالم الإفتراضي , و أنا أتصفح عالم الفيسبوك الأزرق وجدت أمامي العديد من الصفحات التي تحمل إسم مارافال و على سبيل المثال لا الحصر موقع “مارافال سيتي” الذي يتابعه 200000 متابع و يتقاسم من خلاله أبناء الحي صور زمان كعربون للأمانة التي يجب أن يتوارثها الأجيال فيا حسراه على أيام زمان .
حي مارافال لن يحلو الحديث عنه إلا بالحديث عن الشيخ معمر إمام مسجد قباء الذي كان عالم الحّي بامتياز , كيف لا و هو من خريجي جمعية العلماء المسلمين رحمه الله حيث كان مثالا للإعتدال و التدّين الوسطي بعيدا عن الغلو أو أي أشكال من التكفير , فكان أبناء الحّي يجدون الحل لمشاكلهم الدينية و الروحية عنده و كان المصلح ما بين المتخاصمين و الجاه ما بين العوائل في قضايا الميراث و أيضا المشاكل العائلية فكانت كلمته تعلو و لا يعلى عليها .
و الحديث عن الرياضة ذو شجن فالحي العتيق عرف احتضان لاعب “الحمراوة” فريحة المدعو “بيقة” الذي يقال أنه قام بحركة جسر صغير لبيليه الجوهرة السوداء , و أيضا دالا المدعو طامانقو من مؤسسي “الأرسيجيو ” و مقني فيصل عميد جمعية كيمياء وهران في السابق و مازري الصادق مدافع الحمراوة السابق و الحبيب بن ميمون مايسترو المولودية شافاه الله و…..و….الأمثلة لا تحصى و لا تعد .
و من خلال تذكري لهذا الحي و الأيام الجميلة التي لا تزال تلتصق بمخيلتي و تأبى الرحيل , آثرت التأريخ عبر جريدة “المقال” لهذا الحي العتيق منذ أن نشأ في العهد الإستعماري حيث نسب إسمه لإبن أحد المعمرين “جوزيه مارافال” , إلى يوم الناس هذا أين تحول الحي لمرتع للإقامات من خمسة عشر طابقا فما تحت و تحول لحظيرة فوضوية لأصحاب محلات بيع الجملة , و أصبح أصحابه عن طريق الفضاء الأزرق يدافعون عنه من ديار الغربة أو من القرى المجاورة .
فمن هذا المنبر سوف نبدأ التأريخ لكل أعلام و رياضيي الحي و نقف على مشاكل سكانه , و نأمل أن نوّفق في سرد التاريخ المجيد للحي العتيق و أن نكشف المستور عن ما يجري حاليا , و نقول في نهاية حديثنا رحم الله كل من غادرنا لعالم أفضل و البركة فيمن بقي و جعلنا الله و إيّاكم خدّاما للعباد و البلاد .