ما قل ودل

القصة حدثت في السانيا بوهران…سّكير يبَّشر بالجنة من البقاع المقدسة

شارك المقال

قصص التوبة و العودة لطريق الله كثيرة و متشعبة تلك الطرق التي يعود أصحابها لطريق الحق في حضرة مالك الملك ذو الجلال و الإكرام , و إذا كانت القصص المروية عن الصحابة الكرام و السلف الصالح يعتبرها البعض من الماضي المجيد , حيث أنها تعود لخيرة القرون في عهد و ما بعد رسول الله صل الله عليه و سلم و ظلت حبيسة صفحات كتب السيرة يتم تناولها و الخوض فيها في المجالس الدينية لا غير .

فإن قصتنا اليوم  تتشابه أركانها مع كرامات أولياء الله الصالحين التي لا تخضع لمنطق الزمان و المكان بل خلاصتها أنها قبس من العالم النوراني , بطلا قصتنا اليوم التي بقت من مرويات عصرنا الحالي يتداولها الوهرانيون في مجالس الحديث عن التوبة هما شخصان نحسبهما من الأتقياء و لا نزّكي على الله أحدا .

فالقصة حسب أحد روّاتها و تبقى العهدة عليه تعود لسنوات الثمانينات أين كان أحد الحجّاج من مدينة وهران يؤدي في فرضة الحج ذاك العام , و أثناء أدائه الأركان جاءه هاتف في المنام و حدّثه بأنه عند عودته لوهران و بعد أن يستريح من السفر يذهب إلى فلان إبن فلان و الذي يقطن في منطقة السانيا و هي أحد ضواحي الباهية من الجهة الغربية و يبّشره بمكان له في الجنة .

و يقول راوي القصة بأن الشخص أفاق مذعورا من هول الصوت الشجّي الذي ناداه في الرؤيا لكن مع عودته للديار و الإستراحة من وعثاء السفر , نسي الوصية كما قدّر لكل إنسان أن ينسى , فعاد له الصوت مرة أخرى بأنه لم يبّلغ الأمانة التي كلف بها في البقاع المقدسة , لينهض ذاك الشخص و هو يعرف بأن تلك الرؤيا أضحت بمثابة الواجب تبليغ صاحبها كما قيل له فيها حتى عن الشارع الذي يسكنه المرغوب في تبليغه .

لذا فأوّل ما قام به ذلك الشخص مباشرة عند طلوع أول أشعة الشمس بأن تجّهز للذهاب نحو منطقة السانيا و لتبليغ ما كلّف به , و أثناء صولانه و جولانه في مختلف الأحياء باحثا عن المطلوب وجد أعين الناس تتعجب من البحث عن ذاك الشخص بالذات .

فالشخص المطلوب معروف بارتياده الحانات و إدمانه الخمر , لكن بالمقابل شهد عليه الذين يعرفونه أنه إنسان طيّب و عيبه الوحيد فقط هو ذاك المشكل الذي يعانيه فقط , فتعجب الرجل المبّلغ من أمر ذاك الشخص المجهول و كيف وقع عليه الإختيار لتبليغه بالأمر العظيم .

فبعد جولة من البحث وجد بطل قصتنا الأول مبتغاه و بمجرد أول جولات خوض الحديث معه , سأله عن أحواله في الجانب الديني ليجيب المعني مستحيا عن إبتعاده عن أداء الشعائر للسبب المذكور – شرب الخمر – , لكن الرجل المبعوث لم يهّمه هذا الأمر بقدر ما هّمه سؤال الرجل عن عمل صالح قام به مؤخرا أو لا يزال يقوم به لحد الآن حتى أن اسمه ذكر في الرؤيا .

فبعد تفكير عميق سرد الرجل الذي وقع عليه الإختيار واقعة حدثت له يوم قبل عيد الأضحى حيث اشترى أضحية من العيار الثقيل كعادته كل عام , و أثناء إخراجها من السيارة لإدخالها لبيته هربت منه الأضحية و أثناء ملاحقتها دخل الكبش عند أحد العائلات المحتاجة , و إذا بأطفال ذلك المنزل يهّللون فرحين بالكبش الذي دخل عندهم و عند سؤال بطل قصتنا عن أحوال تلك العائلة قيل له بأنهم لم يعرفوا لعيد الأضحى طعما منذ مدة بسبب الفاقة .

و هنا حلف الرجل المعني بأغلظ الايمان على أن يهب الأطفال ذاك الكبش و هّم لشراء آخر , و عندما سمع ذلك الرجل الباحث عن الحقيقة قصة الرجل عرف ثقل العمل الذي قام به و سبب إختياره من دونه من الأسماء .

فبّشر المعني بالرؤيا و هنا اغرورقت عينا بطل القصة و حلف بأغلظ الأيمان على أن يتبع طريق الحق و يحيذ عن طريق الضلال , وعلى مقاس أن ” أولياء الله الصالحين إذا حضروا لا يعرفون و إذا غابوا لا يفقدون ” ظّل ذاك الشخص الذي هداه الله لغزا محّيرا لكل الوهرانيين الذين لم يكشفوا هويته لحد الآن .

و المهم أن المغزى من هذه القصة أن التوبة لله عز و جل ليست بيد أحد بل هي اختيار يقذفه المولى سبحانه على من يقع عليه الإختيار , فاللهّم اجعلنا من التائبين العابدين و من عباد الله الصالحين في هذه الأيام المباركة .

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram