ما قل ودل

أوروبا و سياسة الغاز…من التبعية الروسية إلى التبعية الأمريكية

شارك المقال

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فان دار لاين” اليوم الجمعة في بروكسل خلال ندوة صحفية جمعتها بالرئيس الأمريكي “جو بايدن” على الإمضاء على عقد شراكة لتموين أوروبا بالغاز الطبيعي الممّيع “GNL”  بمقدار 15 مليار م3 مع تعهد لوصول الكمية لعتبة ال50 مليار م3 في حدود عام 2030 و ذلك من أجل كسر تبعية أوروبا للغاز الروسي .

و ستعمل الولايات المتحدة بالشراكة مع عدة شركاء دوليين من أجل تزويد أوروبا ب15 مليار م3 خلال هذا العام 2022 مثلما جاء في بيان وقعه الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مع رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فان دير لاين ” .

و في نفس القمة قرّرت الولايات المتحدة الأمريكية بمعية الإتحاد الأوروبي على المباشرة في خلق ديناميكية عمل جماعي تكون مهمتها التقليل من تبعية أوروبا نحو المواد الطاقوية الروسية , من أجل رد صارم على العملية العسكرية التي تقوم بها روسيا في الأراضي الأوكرانية .

للإشارة بأن أوروبا حاليا تمون من قبل العملاق الروسي بما قيمته 155 مليار م3 من الغاز و هو ما يعني تبعية كبيرة تنتهجها القارة العجوز اتجاه روسيا حيث أن 45% من مشتريات الغاز تأتي من عند الروس و الألمان تقدر  55% من وارداتهم الغازية روسية و بصفة متفاوتة بالنسبة لفلندا و المجر و جمهورية التشيك .

و السؤال الذي يطرحه خبراء الطاقة في الوقت الراهن هو كيف يمكن لأمريكا أن ترضي احتياجات القارة العجوز بكمية 15 مليار م3 من الغاز الطبيعي الممّيع في هذا الظرف الطارئ , علما أنه خلال السداسي الأول من عام 2021 لم تمثل واردات أوروبا الإجمالية من الغاز الأمريكي سوى  6,3% فقط .

و في حالة إدارة أوروبا ظهرها للغاز الروسي كما يزعم قادتها فإنهم سيكونون مرغمون على شراء الغاز الطبيعي الممّيع بسعر مضاعف بثلاث مرات من أمريكا أو حتى من وجهات أخرى كقطر و الجزائر حيث أن القدرات الإنتاجية في هذه الدول هي أقل من القدرات الإنتاجية و الصادرات الروسية كما هو معلوم .

للإشارة أن الأوروبيون مطالبون في حالة الإستغناء عن الغاز الروسي على إنجاز منشآت غازية جديدة من أجل إعادة تحويل الغاز الطبيعي الممّيع , و من المرجح إن استخدم الأوروبيون الغاز الصخري الأمريكي المعروف بعدم صداقته مع البيئة فإنه حتما ستنتعش الصناعة الصيدلانية من أجل إنتاج أدوية خاصة بمعالجة الأمراض الصدرية و التنفسية لما يعرف به الغاز الأمريكي من التلوث البيئي .

و إذا ما تم الترخيص للتبعية الأوربية للغاز الأمريكي فإنه سيتم التغاضي عن معظم التوصيات البيئية التي نتجت عن عدة قمم بيئية عالمية , بما فيها سياسة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن التي طالما عارض من خلالها سياسة سابقه دونالد ترامب إتجاه المناخ , و السؤال الذي يبقى مطروحا كيف سيواجه مستشاره في قضايا الإنبعاثات الغازية جون كيري سياسة جو بايدن الجديدة ؟ .

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram