يبدو أن فرنسا بدأت تقع في شّر أعمالها على الصعيد الدولي و بدأ السحر ينقلب على بلاد “شارل مارتان” حيث أنها فيما كانت تدعي التحّضر و الإنفتاح و حرية التعبير باتت على النقيض تبدي استياءها و حساسيتها مما يقوم به الإعلام الروسي الذي يعتبر شئنا أم أبينا في مرحلة دفاع عن النفس و الوطن في الوقت الراهن .
حيث بعد نشر صحيفة “البرافدا ” الروسية رسما كاريكاتوريا ساخرا في نظر القائمين على الصحيفة عن ما تعيشه أوروبا في الوقت الراهن , راح الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” يبدي أسفه على نشر الصحيفة الذائعة الصيت في روسيا لهذه الرسوم التي اعتبرها طعنا في شرف أوروبا , و حسبه ما كان الرسّامون الكاريكاتيريين الروس أن يتعاملوا مع القارة العجوز هكذا , و لم يأت الرّد على على مدلل الإيليزيه من الكاريكاتوريين بل جاءه القصف من جهة أخرى و مع الموازاة في المرتبة .
فكان رد روسيا صارما من قبل المتحدثة بإسم وزراة خارجيتها و على لسان “ماريا زاخاروفا” التي أبدت تعّجب روسيا من إنزعاج ماكرون من رسوم كاريكاتورية و ذكّرته بحادثة “شارلي إيبدو ” التي سمحت من خلالها فرنسا لرسّامين معتوهين بالسخرية من النبي محمد صلى الله عليه و سلم – و هو يمثل شخصية مقدسة و نور الهدى للمسلمين – .
و لحد الساعة لم ترّد الخارجية الفرنسية على جواب زاخاروفا و يبدو أن ماكرون قد اكتفى من تلميحاتها متذكرا تشّدقه بالكلمات الرنّانة اتجاه مسؤولي صحيفة شارلي البائسة التي أقامت العالم الإسلامي و لم تقعده جراء تصرفها الأرعن المذكور آنفا .
إذا فرنسا ماكرون لم تعد تواجه فقط خيوط الأزمة الإقتصادية التي باتت تدّق أبواب أوروبا جرّاء الحرب الروسية الأوركرانية فقط , بل بات لزاما عليها الإعتراف بكل ما قامت به من جرائم و عنجهية اتجاه كل ما يتعلق بما هو مقدّس لدى المسلمين و أيضا تعاملها باستعلاء و دونية اتجاه سكان مستعمراتها القديمة فحرب الذاكرة لا تزال “شغّالة” لو صّح الإسقاط على طريقة كلام المصريين .
للتذكير أن الرسم الكاريكاتوري الروسي الذي اشمئز له الغرب يشّبه أوروبا بالرجل المريض الذي يحقنه رجلان أحدهما يمثل أمريكا و الآخر الإتحاد الأوروبي بإبر التخذير في إشارة ضمنية للدعاية المغرضة التي تنجّر منها التبعية بلا حسيب و لا رقيب , مثل أزمة كوفيد و الكره لكل ما هو روسي و أيضا فوبيا ثقافات الآخرين فيما تضّمن المشهد اهتراء و انكسار حقنة “الناتو ” في إشارة بأن دور الحلف الأطلسي قد ولّى و صدأت مهامه .