نزل الباحث و المحلل السياسي الجزائري أحمد بن سعادة أمسية أمس ضيفا على حصة “الحياة بشكل مختلف ” التي ينشّطها الصحفي العالمي المشهور “إيريك مونتانا” و ذلك عبر بث رقمي على أمواج أثير إذاعة “أي دي بي ” و “ميديا زون ” حيث استفادت من البث مختلف الشبكات الإجتماعية عبر العالم .
و تعنى هذه الحصة الإذاعية على تشفير مختلف الأحداث العالمية و تقديمها للمستمع في طبق معرفي سهل يمكنه فهم ما يحدث من تطورات و تغيرات على المستوى العالمي , حيث كان موضوع الحصة التي استضيف من خلالها القامة الفكرية الجزائرية حول موضوع الحراك في الجزائر و كذا مختلف الثورات الملونة و التي اتخدت مصطلح ثورات الربيع العربي على مستوى الصعيد الإعلامي .
و قبل الولوج في الحديث الذي تقاسمت فيه الصحفية “نينا سينجير” التنشيط تارة و التعقيب على عدة نقاط ساخنة في الحوار تارة أخرى , جاءت البداية بالترحيب بالضيف الجزائري و إبداء مقدم الحصة “إيريك مونتانا” إعجابه بمؤهلات إبن مدينة وهران الذي يعتبر باحثا جامعيا في مجال الفيزياء و كذلك كاتبا من الطراز العالي و محلل سياسي .
و له باع طويل في كشف المستور حول السياسات الملتوية التي تقودها عدة منظمات غير حكومية أمريكية تحت تيار صهيوني , و التي تعمل على زرع البلبلة و اللاإستقرار في مختلف دول العالم و حصل الباحث أحمد بن سعادة من خلال تأليفه كتاب ” أرابيسك أمريكية ” على تكريمات و تشريفات و كذا عدة جوائز حيث عرف كيف يعّري السياسة الأمريكية الموازية التي تجّند من خلالها المنظمات غير الحكومية العملاء من أجل ضرب استقرار الدول و كذا قلب أنظمة الحكم بطريقة ناعمة .
بداية أول الأسئلة التي وجهها الصحفي المحترف “إيريك مونتانا ” للمتحدث الجزائري كانت حول الحراك الجزائري حيث عاد أحمد بن سعادة قبل تحليل واقع الحراك إلى الثورات العربية الملونة المعروفة اصطلاحا بثورات الربيع العربي , التي عرفت وجودها لأول وهلة عام 2011 و هنا يقول الباحث الجزائري أن اليد الأمريكية كان لها باع كبير في اندلاع هذه الثورات .
التي كانت تظهر في ظاهرها على أنها نابعة من غضب شعبي عارم على فوضوية التسيير و ديكتاتورية الحكم خاصة في البلدان العربية على غرار تونس , سوريا و مصر لكن في باطن الأمور كانت لهذه الثورات معنى آخر هو المساعدة على خلق القلاقل و البلبلة من أجل قلب أنظمة الحكم لكن بطريقة تظهر للعالم على أن الشعوب هي التي تقوم بالدور الرئيسي و العكس غير صحيح .
و وجه ضيف حصة ” العالم بشكل مختلف ” التي بثت على الساعة الحادية عشر ليلا و عرفت متابعة قياسية التهم لثلاث منظمات غير حكومية أمريكية التي تساهم دوما في تعبئة و تأجيج الأوضاع في الدول التي يقع عليها الإختيار قصد الإطاحة بها و تعيين حكام على المقاس في سدة الحكم فيها , من بينها الهيئة الوطنية لنشر الديموقراطية و هي هيئة أمريكية أدارها لوقت طويل السيناتور الأمريكي جون ماكين مثلما هو الشأن لمنظمة “فريدوم هاوس” و “أن دي آي ” التي كانت هي الأخرى تحت إمرة الوزيرة الأمريكية الراحلة ” مادلين أولبرايت ” .
و يضيف السيد أحمد بن سعادة أن مثل هذه المنظمات غير الحكومية مدعمة بميزانيات هائلة من أجل أن توزعها على شكل إعانات على الناشطين السياسيين الذين يلعبون دور المنظّرين في بلدانهم من أجل خلق الفوضى و حالة عدم الإستقرار , مثلما حدث في سوريا و لبنان و أيضا مصر و تونس و بعض دول أوروبا الشرقية حيث يقول الكاتب الجزائري أن هاته المنظمات الثلاث كانت موجودة عن طريق مجّنديها خلال كل الأحداث التي وقعت في البلدان المذكورة .
و من خلال عودته على الحراك في الجزائر يقول أحمد سعادة أن ما حدث في الجزائر كان تعبيرا عفويا برفض جماهيري بادئ الأمر لوضع سائد لكن مع مرور الوقت و نظرا لمعرفته بأسرار الثورات الملونة لاحظ السيد أحمد بن سعادة أن المنظمات التي سبق ذكرها و حطمت ليبيا و قضت على سوريا و بدرجة أقل تونس و مصر , أرادت من جديد ضرب الجزائر في العمق الأمر الذي أدّى به إلى المسارعة لكشف المستور حتى أنه نشر قيمة الإعانات التي كانت توجه للذين كانوا يسعون للدفع بالجزائر إلى الفوضى .
بالمقابل يرى الباحث الجزائري أنه استحال على هذه المنظمات رغم تجنيدها لعدة عملاء من الداخل و الخارج التأثير على الجزائريين , حيث أن الشعب الجزائري ذكي بطبعه و سبق له و أن عاش ويلات سنوات العشرية الحمراء ضاربا المثل بشخصه حيث سبق له و أن فقد شقيقه خلال العشرية السوداء عندما كان يؤدي الخدمة الوطنية و يضيف بأن الجزائري يعلم جيدا ما يحاك ضده من الخارج و لا يحتاج إلى تنظير .
و يقول دائما أن الجزائر بقيت منذ الأزل مطمعا للغزاة لما تتمتع به من موقع استراتيجي و كذا ثروات لا حصر لها منها الغابية , الباطنية و حتى المعدنية و الطاقوية ضف إلى ذلك فإن توجهاتها السياسية المناهضة للإمبريالية و كل أشكال تطبيع مع الصهاينة و كذا مساندتها للحركات التحررية للفلسطينيين و كذا إخواننا الصحراويين .
جعلت من الجزائر العدو رقم واحد للصهاينة الذين سئموا رفض الجزائريين أي شكل من أشكال التطبيع معهم سواءا على الصعيد الدبلوماسي أو حتى الرياضي على عكس جيران الجهة الغربية الذين أبدوا استعدادهم للتعاون العسكري مع العدو الصهيوني .
و عقب اعتراضه في إحدى النقاط خلال الحصة الإذاعية التي تمت عن بعد , وجّه الصحفي المحترف “إيريك مونتانا ” التحية للشعب الجزائري الذي كما قال تربطه صداقات عديدة مع الجزائريين حيث صّرح أنه أثناء فترة الحراك وجّه رسالة لعموم الشعب الجزائري مفادها بأن لا ينخدع المواطنون الشرفاء بالديموقراطية الزائفة في العالم الغربي .
ضاربا المثل بفرنسا حيث قال بأن بلاده لا تطّبق الديموقراطية مثلما يدّعي مسؤولوها و ليست بلد القانون كما يتشّدق البعض مختتما كلامه أن من عليه تصدير الديموقراطية يجب أن يطبقها في بلاده أولا و ينظر إلى مشاكله الداخلية قبل أن يعّدد عيوب بلدان أخرى .
و اختتم هذا الحوار الشيّق الذي استطاع من خلاله الباحث الجزائري أحمد بن سعادة أن يثير إعجاب “إيريك مونتانا” و كذلك الجمهور القياسي الذي استمع للحصة الإذاعية “العالم بشكل مختلف ” بفتح جسر التواصل مع المستمعين من أطراف العالم الذين طرحوا أسئلة عديدة رّد عليها بالدلائل و القرائن و البراهين في كل مرة إبن مدينة وهران .