الرئيس إيمانويل ماكرون من خلال تصريحاته الأخيرة اتجاه ما أطلق عليه اصطلاحا بمجرزة بوتشا في أوكرانيا , التي يقول مدّلل الإليزي بأن كل الدلائل توحي بأن الجيش الروسي قد ارتكب فظائع حرب و انتهك حقوق الإنسان يصبح ينطبق عليه المثل الجزائري ” الجمل يعيب حدبة صديقه و نسي حدبته ” .
و يبدو أن الرئيس الفرنسي يعاني إضطرابات في الذاكرة حيث أنه نسي أو تناسى ما قامت به فرنسا خلال إستعمارها للجزائر , و يكون قد نسي ما قام به ماريشالها الدموي بيجو الذي كان أول من سّن قانون المحرقة قبل ما يسمى في الغرب بالهولوكوست , حيث أباد قبيلة أولاد رياح عن بكرة أبيها عندما أغلق على أفرادها الذين فروا من هجوم للجيش الفرنسي المنافذ في مغارة بجبل الفراشيش بنواحي مستغانم و أضرم النيران , و مات كل من فيها من أطفال رضّع و حتى شيوخ ركّع و بهائم رتّع داخل المغارة التي ضاقت بالفارين إليها بما رحبت .
ألم يأخذ بعين الإعتبار ماكرون رقم 45 ألف من الشهداء أو يزيدون الذي أبادت من خلاله فرنسا الإستعمارية في ثلاثة أيام رجال و نساء و شيوخ و عجائز احتفلوا بإستقلال مزعوم ذات يوم من 05 ماي 1945 , ألم يسائل ماكرون نفسه عن مصير الشيخ العربي التبسي الذي تم رميه في برميل من الزيت المغلي حتى انسلخ جلده عن لحمه و انصهر عظمه حتى تلاشت أشلاؤه و لا نجد له الآن قبرا نعّزي أنفسنا بالوقوف بجواره .
و ماذا عن عملية ” الكروفيت ” أو “الجمبري ” بالعربية التي انتهجها الكولونيل المجرم ماسو قبل المافيا الإيطالية , أين كان يضع المجاهدين أحياء في براميل و يصّب عليهم الخرسانة و يلقيهم أحياء في البحر يواجهون مصيرهم المحتوم أين كان يتلّذذ برؤية أجسادهم و قد صارت طعما لأسماك الجمبري .
و ماذا عن انتهاك أعراض النسوة الحرائر عند اقتحام قرى أرض الجزائر عنوة بحثا عن الأشاوس , حيث كان الإنتقام بدلا من الرجال يصّبه الجنود على النساء فهل نسي ماكرون كل ذلك و هل نسي أيضا تراهن جنود اللفيف الأجنبي على ما تحمله الحّرة الجزائرية في أحشائها إن كان ذكرا أو أنثى و يتأكد الجبناء من جنس الجنين ببقر بطنها و تموت الحرة جرّاء ذلك و تقضي شهيدة هي و جنينها و لم يكتب له حق الحياة .
وماذا عن الشاب بن ناسي محمود في ليلة زفافه أقتيد رفقة صديقه تيجيني يحياوي من مدينة بوسمغون نواحي البيض عقب وشاية بهما و عذّبا و نكّل بهما , و أطلقت عليهم الكلاب البوليسية الشرسة التي نهشت لحومهم كما توّضحه الصورة المرفوقة بالمقال و بعدها تم رميهما بكل برودة بالرصاص الحي . .
و نحن من خلال هذا العمود لا نعّلق على ما قامت به روسيا أو لا بل الأمر حتما سيكون مرفوع للمحققين الدوليين , الذين سبق لهم و أن أثبتوا امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل و سبق لهم و أن أثبتوا جرائم نظام الأسد في سوريا و كذلك سبق لهم و أن وثّقوا جرائم العدوان على غزة و أطفال فلسطين .
بل نتذكر و نحن أحفاد الشهداء من خلال تأويلات ماكرون ما قامت به فرنسا الأمس و الذي لم تعتذر عليه لحد الآن , حيث لا يزال ساسة الإليزيه يسمون الثورة التحريرية المباركة بأحداث الجزائر تقزيما لثورة بدّلت مسار تاريخ البشرية و جعلت من المستحيل وضعا قائما و أصبح الإستقلال حقيقة مرة لا تزال فرنسا تستسيغ مرارتها رغم مرور من الزمن عتيا .