الجزء الثالث
في الحلقة ما قبل الأخيرة لروايتنا لقصة الشاب المسيحي الفرنسي الجنسية البرتغالي الأصل أوزفالدو مانويل نتابع معه كيفية دخوله للإسلام و كيف أصبح في الوقت الراهن , أين شاهدناه بأم أعيننا في مسجد “أبو بكر الصديق ” و هو يعض الناس من خلال دروس دعوية خلال كل صائفة يحضر فيها لمدينة وهران رفقة زوجته ذات الأصول الوهرانية , و بدون إطالة نكمل لكم قصة أوزفالدو الذي اتخذ اسم يوسف بعد إسلامه .
نبدأ من حيث انتهينا المرة الماضية فيقول الشاب أوزفالدو الذي ثار على عقيدة الثليث و أراد أن يعرف عن الدين الإسلامي فبمجرد وقوفه على باب المسجد في مدينة باريس عاصمة فرنسا , أذهله المنظر الذي رآه حيث شاهد لوحة نورانية تجّلت في ركوع الراكعين و سجود الساجدين و تسبيح المسّبحين و كل ذلك مع إنصاته لأمواج القرآن الكريم الذي كان يتلى .
فعندما وقف مذهولا تصادف وجوده مع تواجد جملة من الدعاة ذوي الأصول النصرانية أي من بني جلدته حيث سيكون الحوار معهم ليّنا و سهلا و ليسوا من العرب الذين طالما سمع عهنم بأنهم إرهابيون و متعّصبون إلى غير ذلك من النعوث التي يطلقها أعداء الله على أتباع دين الحق .
فطلب منه أحد الدعاة بابتسامة و بلباقة كلها أدب و استحياء أن يلج للمسجد بعد نزع حذائه الرياضي , ففعل و كأنه مأمور و دخل لباحة المسجد الباريسي و بدأ هو يسأل و الداعية الذي كان يتقن حتى الإنجليزية بطلاقة يجيبه عن كل الأسئلة التي كانت بمثابة أعاصير تؤّجج نومه كمن ولد المسيح و كيف و لماذا هو حسب المسيحيين إبن الله و كيف لبشر أن يتخذ من بني جنسه إله إلى غير ذلك من الأسئلة التي أرّقت مضجعه .
فبعدما استفاض من خيرة الكلام الذي كان من وحي القرآن و من هدي سيد الأنام محمد عليه الصلاة و السلام , لم يطلب منه ذلك الداعية أن يدخل للإسلام بإلحاح و شّدة بل أهداه كتابا مترجما للفرنسية لأحد الدعاة المسلمين فتناوله الشاب مانويل و ذهب إلى بيته .
و بدل أن ينام تلك الليلة بدأ بتدارس ذلك الكتاب الذي يحكي عن المشوار و الطريق الذي يؤّدي من عالم الظلمات إلى بحر الضياء و الخيرات , فكان أن هداه الله لما هو أقوم و يقول الشاب مانويل أنه لم ينطق الشهادة في المسجد بين الجموع كما تجري العادة , بل ترك هذه المرحلة هي الثانية فدخوله للإسلام يضيف جاء بعد نطقه للشهادة بينه و بين الله في غرفته دون علم أهله .
و من تّم جاء اعتناقه للإسلام في المسجد أمام الشهود تحت صيحات الله أكبر , ليصبح مانويل فردا جديدا و أخا عزيزا في الدّين له ما لنا و عليه ما علينا و أول خطوة اتخذها المسلم الجديد كانت اتخاذه إسم يوسف الذي اختاره تيّمنا و تبّركا بالنبي يوسف عليه السلام .
و عكف الشيخ يوسف بعد اعتناقه للدّين الإسلامي على تعّلم اللغة العربية و كذا أصول الفقه و حفظ القرآن الكريم , حتى أصبح حجّة في ذلك و بات الشيخ داعية كبير و ارتبط كلامه عند الدعوة لدين الحق بتطبيق قرينة الحّجة و البرهان أي الهداية بالمنطق و هو ما يحّبذه الأوروبيون و غير المسلمون عند المجادلة حسب رأيه .
و يقول الشيخ يوسف أن والداه استغربا دخوله دين الإسلام لكنهما لم يعارضا في نفس الوقت و يعمل على دعوتهما لإخراجهما من ظلام الشرك , و يقول بأنه لم ييأس و لا زال يحاول لكن بالمقابل استطاع أن يدخل أخيه الأصغر لدين الحق .
و أصبح للشيخ يوسف مصاهرة مع الجزائريين حيث تزّوج بفتاة جزائرية مغتربة ذات أصول وهرانية , و بات عند زيارة مدينة الباهية تراه دائما في الطرقات يدعو الناس لأداء الصلاة في أوقاتها و في المسجد و السعي وراء الرزق الحلال , و يرّغبهم في الجنة و يخّوفهم من نار جهنم حتى أصبح محبوب سكان حي الصديقية بوهران أين استطاع أن يهدي عدة شباب و باتت دروسه الدعوية تعرف إقبالا منقطع النظير .
يعترف بفضل الجزائر على اعتناقه للإسلام…وقوف مانويل على باب المسجد قتل كل الشكوك