اليوم تحين الذكرى الرابعة لرحيل الفنان الكوميدي الوهراني جديد محمد المكّنى ب”الهواري بوضو ” في إحدى السلسلات الفكاهية التي لاقت رواجا منقطع النظير , حيث تم برمجتها في شهر رمضان الفضيل لمدة أربع سنوات متتابعة و لاقت إعجاب المتفرجين و أصبحت أيقونة الأعمال التلفزيونية و دخلت الأرشيف الذهبي للأعمال الكوميدية الجزائرية شأنها شأن سلسلة “بلاحدود” و كذلك ” أعصاب و أوتار ” .
المرحوم توفي إثر مرض عضال ألّم به في مدة وجيزة و رغم علاجه على نفقته الشخصية في إحدى المصحات الباريسية , إلا أن المرض الخبيث تمكن من المرحوم هواري الذي رغم معاناته مع السرطان إلا أنه ظل وفيا لمعجبيه و ظل يكافح و يكابد مشقة العلاج الكيماوي و كله أمل و رغبة في الحياة و يطل على معجبيه عبر نافذة وسائط التواصل الإجتماعي و يطمئنهم على حالته الصحية بكل بشاشة .
بداياته مع عالم الفن كانت عبر حصة فكاهية عرفه من خلالها الجمهور الجزائري و التي بثت عبر مؤسسة التلفزة العمومية خلال نهاية التسعينات , حيث حملت فرقته تسمية ” ثلاثي الأمجاد ” أين كانت بدايات المرحوم محمد جديد بمعية عبد القادر عدّاد و بختة بن ويس و صديقهم الهواري الذي اعتزل و هاجر للغربة بعد مدة وجيزة قضّاها مع الفرقة .
و رغم صعوبة المهمة لمنافسة فرقة “ثلاثي بلا حدود ” بادئ الأمر إلا أن المرحوم الهواري بوضو استطاع بفضل خفة دمه و خفة ظله أن يكسب قلوب الملايين برفقة بختة و عبد القادر حيث أبدعوا في رسم لوحات كوميدية أين لعب الهواري دور الشاب الطموح لتأسيس عائلة , لكن نظرا للنّية المفرطة التي يتمتع بها يظل دائما ضحية لمقالب صاحبه عبد القادر عدّاد و يسقط و ينهض بعد كل حلقة و لقي الجمهور تجاوب مع تلك الحلقات .
و لعل من أبرز نوادر الإيفيهات التي يحتفظ بها الجمهور عن المرحوم بوضو هي ” الهواري طارله السطح ” أو “الهواري ماله” التي أبدع رفقة الفنانة بختة بن ويس في تجسيدها لقالب كوميدي مضحك للكبير و الصغير .
و استفاد المرحوم جديد محمد من خلال الإنفتاح الإعلامي بتكوين شركته الخاصة حيث أصبح ينتج أعمال مستقلة نالت رضى و إعجاب الجمهور , عالج من خلالها عدة مواضيع بطريقة محتشمة و أدخل البسمة إلى الديار بكل وقار عكس ما أضحى يشتكي منه المتفرجون في الوقت الراهن أين أضحت العائلة لا تستطيع متابعة سيت كوم مجتمعة كما كان يحصل في عهد محمد جديد .
و لعل من أبرز الأعمال التلفزيونية التي لاقت شهرة واسعة و تجاوب منقطع النظير مع الجماهير هي سلسلة ” الهواري بوضو ” , التي أبدع من خلالها المرحوم في تجسيد شخصية القروي صاحب مزرعة لتربية الدواجن و لديه ثلاث فتيات كلهن مقبلات على الزواج و يريد هو الآخر الزواج من الفنانة بختة و يجد معارضة شديدة من عائلته الصغيرة , و ينضم للأحداث الكوميدية أصحاب القرية من عيار محمد حزيم شفاه الله و المرحوم بلاحة بن زيان و محمد خساني و الزبير بلحّر و أرمادة من الممثلين الكوميديين عرفوا كيف يزرعون البسمة في نفوس الجزائريين .
للتذكير أن المرحوم صاحب شهادة ليسانس في الإقتصاد و كان ضليعا في ميدان كرة القدم حيث لم يكن يفّوت الفرصة على مداعبتها رفقة أصدقائه الفنانين , و يعتبر من الأوائل الذين دافعوا عن النجم يوسف بلايلي عندما مّر بمحنته التي توقف من خلالها سنتين , حيث سانده بالصوت و الصورة و تنبأ له بما وصل إليه اليوم حتى أن المعني لدى تسجيله أحد الأهداف رفع قميصه الذي دوّن فيه ” شكرا لك الهواري بوضو ” عرفانا على رّد الجميل للرجل .
فشكرا لك يا محمد جديد لما قمت به خدمة للفن الهادف , و شكرا لك على زرعك للبسمة و شكرا لك لكل أمر سلبي عرفت كيف تعالجه بطريقة كوميدية إيجابية كما فعلت مع ظاهرة الحرقة و كذا طاعة الوالدين , فألف رحمة و نور تنزل عليك في هذه الجمعة المباركة و جعل الله قبرك روضة من رياض الجنة و كل قبور المسلمين يا رب العالمين .