تحت إشراف البروفيسور سعاد بسناسي مديرة مخبر اللهجات ومعالجة الكلام، تم تقديم الندوة الثلاثون لمخبر اللهجات ومعالجة الكلام من طرف الأستاذ الدكتور عبد الكريم العوفي من جامعة باتنة1، وخصها للحديث عن أهمية دراسة اللهجات العربية.
شهدت هذه الدورة حضور كل من أ.د. يوسف منصر من جامعة عنابة، الدكتورة حفيظة آيت مختار من جامعة البويرة، الدكتورة حسنية عزاز من جامعة سيدي بلعباس، وأيضا طلبة الدكتوراه: أ. عزيزي سامي من جامعة أدرار، أ. سلمان حمداش، أ. إبراهيم يحي، أ. سي موسى عبد الغاني من جامعة وهران 1.
استهل الدكتور عبد الكريم العوفي ندوته بالتطّرق إلى مفهوم اللهجة باعتبارها مجموعة من الصفات التي تنتمي إلى بيئة أو منطقة معينة، ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد البيئة، وأشار في ذلك إلى أن العلماء واللغويين القدامى كانوا يصطلحون على مصطلح اللهجة باللغة أو اللغية.
أما اللغة فعّرفها على أنها نظام عرفي يحمل رموزا صوتية يوظفها الناس للتواصل بينهم , ويرى الدكتور عبد الكريم العوفي أن دراسة اللهجات العربية القديمة والحديثة دراسة علمية هو حقل جديد في العلم اللغوي المعاصر عرف عند الغربيين بادئ الأمر ثم نقل إلى العرب من خلال جهود بعض الطلبة الذين بعثوا للدراسة في الخارج أمثال: إبراهيم أنيس، تمام حسان…وغيرهم.
ومن ثم نص مجمع اللغة العربية في القاهرة على تنظيم دراسة علمية للهجات العربية الحديثة في جميع الأقطار العربية، ولقد وضّح الأستاذ عباس محمود العقاد المغزى من هذا القانون فقال: “الغاية من ذلك أن نخلص من المشابهة والمغايرة بين اللهجات”.
تتجلى أهمية دراسة اللهجات العربية كما ذكرها الأستاذ الدكتور عبد الكريم العوفي في ندوته فيما يلي: – دراسة اللهجات العربية تمكننا من معرفة الاختلاف بين الفصحى ولهجاتها. – دراسة اللهجات العربية تساعد على إنجاز أبحاث علمية ميدانية، وتكشف عن الخصائص والسمات التي تتميز بها كل لهجة عربية. – تفيد الدارسين في الإجابة عن السؤال العويص الذي شغل الدارسين.
فهل العربية الفصحى هي اللغة الأم فعلا، أم هي حصيلة لهجات عدة؟ فمعروف أن اللهجات العربية مرتبطة إرتباطا وثيقا بالقراءات القرآنية، ودراسة هذه اللهجات دراسة واعية تفيد كثيرا في نسب هذه القراءات اللهجية إلى أصحابها، وهي خدمة جليلة للقرآن الكريم.
فدراسة اللهجات حسب المحاضر الأستاذ الدكتور عبد الكريم العوفي تمّدنا بثروة لغوية غزيرة لبناء معجم تاريخي عربي ضخم ما يعني أن دراسة اللهجات تساعدنا في التخلص من ظاهرة اللحن في اللغة العربية الفصحى.
و تساعدنا في التعرف على خصائص المجتمعات العربية من حيث عاداتها وتقاليدها وآدابها، كما تفيدنا في إعداد أطالس لغوية للهجات المستخدمة في الوطن العربي أو الوطن الواحد.
و تقدم فوائد علمية تطبيقية تطبيقية في مجال الجوسسة والاستخبارات الأمنية والقومية , كما أشار الأستاذ الدكتور عبد الكريم العوفي إلى بعض الصعوبات التي يواجهها دارسوا اللهجات.
فاللهجات القديمة حسبه تحتاج إلى جهد كبير للوقوف عليها، فقد استعمل القدامى مصطلحات قديمة للتعبير عن تلك اللهجات وهي مصطلحات صعبة، وكذلك ظاهرتي التصحيف والتحريف.
وكخلاصة قدمها المعني في نهاية مداخلته هي أن دراسة اللهجات تمثل نشاطا علميا يهدف إلى إشباع رغبات الباحثين في معرفة الخصائص الكلامية لمختلف المجتمعات العربية.