عبد المجيد سجال – مستشار اقتصادي و اجتماعي للاتحاد الوطني لرؤساء المؤسسات –
17 مليار دولار تنفقها الدولة كل سنة في سياسة الدعم الإجتماعي لتقليص الفوارق الإجتماعية و دعم الفئات الهشة , كل الدول لها سياسة اجتماعية اتجاه مواطنيها حتى الولايات المتحدة الأميركية و ألمانيا و فرنسا ، لكن الفرق يكمن في معايير الفعالية و الكفاءة و العدالة لهذه السياسة العمومية .
كيس الحليب الذي ينتج لأجل المواطن محدود الدخل يتنافس عليه الفقير و متوسط الدخل و الغني و صاحب المقهى و بائع المثلجات على الكورنيش , الزيت المدعم يتنافس عليه الفقير و صاحب المطعم الفخم و بائع الزلابية و فندق خمس نجوم .
الخبز المدعم يتنافس عليه الفقير و المطعم الفخم , الفرينة الدعمة يتنافس عليها الفقير و بائع الباتيسري و الخدمات الصحية المجانية يتنافس عليها الفقير و الغني بنفس السعر .
الماء المدعم يستفيد منه الحي الفقير و صاحب الفيلا و المسبح الفخم و سفارات الدول الغنية , و الأمثلة عديدة …
إذن هل الفقير يستفيد حقا من الدعم ؟ و هل هذه السياسة تحقق الفعالية في الأداء و الكفاءة في الميزانية و العدالة في التوزيع ؟
لهذا و أنا في صدد التحليل أقترح إنشاء عملة رقمية إجتماعية , تصّب في حسابات محدودي الدخل و الفقراء و متوسطي الدخل بدرجات متفاوتة , يكون لهذه العملة الرقمية مقابلها في البنك المركزي من الدينار , مثلا 1 دينار إجتماعي يساوي عشرة دينار جزائري .
بحيث ينفق الفقير ثلاث دنانير إجتماعية للحصول على كيس حليب مدعم , ثم يصرف صاحب المحل تلك العملة بما يقابلها من عملة حقيقية من الدينار أي ثلاثون دينارا .
ينفق الفقير خمسة دنانير اجتماعية في الخدمات الصحية بينما ينفق الغني خمسين دينار حقيقي مقابل كل خدمة , ثم يقوم المستشفى بصرف تلك العملة الرقمية الى دينار حقيقي من خلال صندوق التأمين الصحي .
يتأسس مركز دراسات مشهود له بالكفاءة لدراسة الفئات المستهدفة التي تستحق الدعم , الفقير له نصيب و المتوسط له نصيب و حتى الغني له نصيب من الدعم في بعض السلع و الخدمات , مثلا سعر شحن المواد الفلاحية , سعر الكهرباء الصناعية , سعر البذور الفلاحية , سعر الأعلاف و هكذا من أجل تحفيز الإنتاج و خلق ميزة تنافسية سعرية للتوجه إلى التصدير .
سيسمح خلق هذه العملة كذلك بتنظيم قطاع الخدمات الجامعية , بحيث يحصل الطالب على وحدات نقدية رقمية و هو ينفقها كما يشاء على الخدمات الجامعية المخوصصة , و هو الذي يتحكم في إنفاق وحداته الرقمية المخّصصة فقط لاقتناء تلك الخدمات و لا يمكنه إنفاقها في التدخين مثلا .
هذه الطريقة ستسمح بتقليص فاتورة الدعم و كذا ذهابه إلى مستحقيه بشكل أكبر , كما ستسمح بخلق منافسة حقيقية اذ أن المستثمر الأجنبي لن يستثمر في الحليب و الدولة تقدمه مدعما للجميع بل سيستثمر اذا وجده مقتصر على الفقراء فقط .
البنك المركزي هو الذي يصّدر هذه العملة الرقمية و يراقب حركتها , بينما وزارة المالية هي من تحّدد القطاعات و الفئات التي ستستفيد من هذه العملة و كذا السلع و الخدمات التي ستباع بها هذه العملة .
و كملاحظة إن مشكلة السوق الموازي قد طرحت حلولا لها من قبل لهذا فإن هذه الفكرة لن تنجح دون إصلاحات أخرى موازية لها في عديد القطاعات .