ما قل ودل

إنتقاذات بالجملة للمنتوج الكوميدي الحالي …الجماهير تحّن لأيام أعصاب و أوتار , ثلاثي الأمجاد و بلا حدود

الله يرحم من كان يزرع البسمة باستحياء

شارك المقال

عرفت الشاشة الجزائرية و عرف مشاهدوها خلال سنوات الثمانينات و أيضا التسعينات و بقية سنوات الألفية الحالية بزوغ و أفول نجم عدة فنانين خاصة في مجال الكوميديا الساخرة , حيث رغم رحيلهم الأبدي إلا أنهم بقوا في أرشيف الذكريات لكل من أحّب أعمالهم و كل بيت أدخلوا فيه البسمة خصوصا خلال العشرية السوداء .

و يجمع الجميع أن فنانين من عيار محمد جديد المعروف تحت تسمية الهواري بوضو و أيضا إيقاش عبد الرؤوف المكّنى في الوسط الفني ب”حديدوان” و صراط بومدين صاحب سلسلة “شعيب الخديم” دون نسيان رويشد ووردية و أخيرا عمي حزيم الذي فارقنا أول أمس و شيعته جموع غفيرة لمثواه الأخير , أصبحوا بمثابة أيقونات للفن الكوميدي الساخر ذو الرسالة الهادفة .

لكن المتتبعون أو الذوّاقون لهذا النوع من الفنون يجمعون أن مستواه هبط إلى الحضيض بعد مغادرة هؤلاء للحياة الفانية , علما أن الباقون  لم يصبحوا يبدعون كما في السابق و حتى و إن أسندت لهم الأدوار تكون ثانوية لا يعّبر فيها أمثال “مصطفى غير هاك” و “حميد كلافيها” على قدراتهم التي كانت في وقت ما غير محدودة من خلال سكيتشات “بلا حدود”.

و يتساءل الجمهور الذوّاق للفن الكوميدي عن سبب هذه النكسة و أيضا السبب الذي جعل الفّن الساخر يتراجع , حتى أن معظم العوائل التي كانت فيما مضى تتسابق على موائد الإفطار في شهر رمضان من أجل مشاهدة سلسلات من عيار “أعصاب و أوتار” و كذلك حصة “بلا حدود ” و سلسلة “ثلاثي الأمجاد ” و شخصية “حرودي” و كان حينها الأطفال و الشباب و حتى الشياب يقّلدون هذه الشخصيات مباشرة بعد نهاية الحلقات .

و هو ما أضحينا لا نشاهده في الوقت الراهن أين اشتكت معظم العوائل الجزائرية من غياب البسمة , و حتى و إن وجدت فإنها تكون على حساب خدش الحياء , و هو ما أصبح في خانة غير المقبول من قبل المشاهدين نظرا لطبيعة المجتمع المحافظ  في بلادنا .

فأمام هكذا منتوج أصبح المتتبعون يبحثون عن الفن الراقي على ظهر خشبات الركح , حيث عرفت المسارح خلال أمسيات رمضان المنقضي توافدا غير مسبوق بحثا عن ما فقدوه في شاشات التلفاز , و برزت عدة فرق مسرحية بمدينة وهران أين أدّت عدة عروض و أغاني ساخرة نالت إعجاب العوائل الوهرانية على غرار فرقة “نجوم شو” التي يقودها الثنائي بلفضال محمد و كذا سمير زموري .

و أيضا نالت الفنانة مليكة يوسف حصة الأسد من الإعجاب خلال عرضها المسرحي الساخر , الذي جابت من خلاله معظم مسارح الجهة الغربية و أرجعت المتلقي لأيام زمان أيام الفن الراقي حين كان الولد أو البنت لا يضطران لمغادرة المائدة بمجّرد انطلاق السلسلات الفكاهية .

و انتشرت خلال شهر رمضان الفارط ظاهرة عودة معظم العوائل الجزائرية لإعادة مشاهدة السلسلات الفكاهية لأيام زمان من خلال متابعة قناة الذاكرة الوطنية , التي اجتهدت في استقطاب المتفرجين من خلال إعادة بث كل من سلسلة “أعصاب و أوتار ” , “شعيب الخديم ” , “عايش بالهف” , ” بلاحدود” و “ثلاثي الأمجاد” .

و هناك من احترف متابعة سلسلة “بوضو” على منصة يوتيوب الرقمية و هي رسالة مفادها امتعاض المشاهد الجزائري للمنتوج الكوميدي الحالي و المطالب أصحابه الذين عليهم تقبل الإنتقاذ بمزيد من الإجتهاد لإعادة البسمة و الضحك لشفاه الجزائريين لا على ذقونهم .

للتذكير أن الساحة الفنية الكوميدية عرفت مؤخرا فقدان العديد من الفنانين من عيار بلاحة بن زيان , محمد جديد , محمد حزيم الذين التحقوا بزملائهم السابقين من أمثال حديدوان , صراط بومدين , عبد القادر علولة , رويشد و ووردية فرحم الله كل من أدخل البسمة و الفرحة للديار و كان صاحب رسالة هادفة .

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram