استضافت قاعة المحاضرات بدار الثقافة بوهران أمسية اليوم ندوة تاريخية حول مجازر الثامن ماي 1945 التي قدم فيها الشعب الجزائري على مذبح الحرية حوالي 45 ألف شهيد جراء الهجمات الوحشية التي تعرض لها المدنيين العزل , أين لم تفرق آلة الدمار الإستعمارية ما بين طفل و شاب أو عجوز و شيخ حيث تكدست الجثت في الطرقات حتى تعفنت .
و لولا وجود أحد الصحفيين التابع للإذاعة البريطانية حينها البي بي سي لا ما تم توثيق هذه الأحداث الدامية بالصوت و الصورة حتى لم يستطع المستعمر الجبان عدم درء جرائمه اتجاه الجزائريين أين كذّب الفرنسيون حينها عدد الشهداء , حيث لم يسم الأشياء بمسمياتها فلحد الآن لا يعتبر تاريخ الثامن ماي مجازر بل يؤّرخ للحدث على أنه أحداث شغب يقول أنها سقط من خلالها 130 شخصا فقط من الأهالي بالتعبير الإستعماري .
و خلال تأريخه من خلال الندوة أبدع الدكتور محمد بلحاج في سرد كرونولوجيا الأحداث منذ بدايتها و التي تزامنت مع خروج الجزائريين للإحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية التي تحّررت من خلالها فرنسا من قيود النازية على أشلاء المجّندين الجزائريين و التونسيين و السينغاليين , غير أن المجد في نهاية المطاف أريد لفرنسا أن تتقاسمه لوحدها .
و لم يكف السلطات الإستدمارية حسب الأستاذ محمد بلحاج عدم الوفاء بوعودها التي قطعتها اتجاه الجزائريين بإعطائهم نوع من الإستقلالية جراء نصر فرنسا الزائف على ألمانيا , بل راحت الشرطة الفرنسية بمعية المعمرين تهجم بشراسة على مسيرات الإحتفالية التي تزامنت مع عيد العمال و راح ضحية إطلاق النار العشوائي في سطيف و قالمة و خراطة و أيضا سعيدة و عين تموشنت و تقريبا كل المدن الجزائرية الآلاف من الشهداء .
و يضيف ذات المتحدث أن هذه المواجهة بين الجزائريين و القوى الإستعمارية كانت هي الشرارة الأولى للتفكير في العمل المسلح , و كانت اللبنة الأولى لثورة التحرير حيث اعتبر الجزائريون يوم الثامن ماي يوما يجب أن تسترد فيه كرامة الجزائريين التي أهدرت من خلال سقوط الشهداء الأبرياء .
و أصبحت هذه الذكرى تمثل للفرنسيين هاجسا بات يؤرقهم حيث كانت تنبثق في هذا اليوم من كل عام شرارات الإنتقام للظلم و الإستعباد و كانت مؤشر نحو رد الإعتبار يوما ما , حيث كانت بداية العمل المسلح من خلال تأسيس المنظمة الخاصة التي كانت أولى إرهاصات الثورة التحريرية المباركة .
و استمع الحاضرون بروّية لشروحات الدكتور محمد بلحاج و كانت بعدها مناقشة تمت ما بين الأستاذ الملقي و المتلقي , أين استفسر الحاضرون عن عدة نقاط كانت غائبة عن أذهان البعض. و ألقى خلال هذه الندوة مدير منظمة أبناء المجاهدين فرع وهران الدكتور مراد غزالي كلمة بالمناسبة نوّه من خلالها على التضحيات الجسام للشهداء و المجاهدين الذين سقطوا من أجل أن تحيا الجزائر .
و ذكّر المعني بعمل المنظمة خاصة خلية التفكير من خلال تمجيد ذكرى ثورة التحرير و كل من ساهم في استقلال الجزائر ضاربا موعدا لساكنة وهران بتنظيم بندوات و ملتقيات و أيام دراسية تمسح الغبار عن كل من ضّحى و قّدم الغالي و النفيس لأجل أن تحيا الجزائر حّرة مستقلة .
و في آخر هذه الأمسية التاريخية قامت مديرة دار الثقافة بتكريم المتدخلين الدكتورين محمد بلحاج و مراد غزالي , عرفانا لهما على ما قدماه و أضحيا يقدمانه خدمة للذاكرة الوطنية من خلال تمجيد تضحيات المجاهدين خلال ثورة التحرير .