ما قل ودل

كان يضرب به المثل في الهدوء و اللباقة بوهران…حي مارافال تحّول إلى سوق مع فوضى في العمران

الشاب بلال أحد ابناء حي مارافال و في يمين الصورة نمو إحدى الإقامات العملاقة

شارك المقال

المتجول في ربوع حي مارافال سابقا و الذي يحمل إسم العثمانية حاليا يلحظ فرق كبير ما بين الماضي و الحاضر و بالطبع عندما تحضر المقارنة فبطبيعة الحال سوف تكون الغلبة للنوستالجيا و أيام الزمن الذي ليس ببعيد .

فأثناء حديثنا مع قدماء الحي وجدنا عندهم نوع من عدم الرضى لما تحولت عليه مارافال , حيث أصبحت سوقا فوضوية بل حتى التركيبة البنوية العمرانية تحّورت مع الواقع الجديد المعيش أين بات كل من يملك سكنا فرديا يضطر لتحويله إلى مستودعات تحت البناية , أو ما كان يعرف قديما بالفيلا من أجل تأجيره كي يذر عليه أرباحا يكابد بها أعباء الحياة كدخل موازي .

و المصيبة أو الطامة ليست في هذا المنطق الشرعي بل ما قام به تجّار الجملة في حق حي مارافال العتيق , حيث تحول في غضون سنوات قليلة إلى منطقة شبه ريفية و لولا تواجد الطرقات المعبدة لظننا أننا في سوق أسبوعي في منطقة نائية لما يخلفه تجّار الجملة من ورائهم .

هذا الحي الذي عرف ميلاد أدباء و شعراء و ملحنين و لاعبي كرة القدم موهوبين , و كذا رياضيين وقّعوا أسماءهم في الأرشيف الذهبي للرياضة الجزائرية على غرار اللاعب الدولي السابق عبد القادر فريحة الذي وافته المنية في هذا الحي و أيضا ملاكمين مشاهير من عيار محمد بودشيش .

كل هذا “الباتريموان” تحول بقدرة قادر إلى خراب فحتى مركب “ميلود هدفي” الذي كان مشتلة لتكوين الرياضيين أصبح كالجسد بلا روح , و طغت التجارة على حي العثمانية و بدأت معالم الحّي تطمس على حساب المباني بظهور الإقامات الفاخرة التي تعدى بعضها 12 طبقة في حين أن القانون يملي على المرّقيين العقّارييين خمس طوابق فقط .

و أمام هذه التجاوزات التي لم تجد رادعا لها اضطر السكان الذين عمّروا و أمضى أبناؤهم خيرة سنوات أعمارهم في حي مارافال إلى المغادرة , و تحّولت مساكنهم السابقة التي تنازلوا عليها مقابل إغراءات المرّقيين العقّاريين إلى أشباه ناطحات السحاب طوّقت الحي من كل جانب معطية منظرا منغلقا على ذاته غير الذي كان جميلا من قبل .

فمارافال التي أنجبت فنّان الراي الشاب بلال و التي طالما تغّزل بعبق ورودها و بساتينها باتت ذكرياتها مجّرد أحلام يتذكر من خلالها ساكنوها الأوائل أركانها و الملاعب الترابية التي تربوا فيها , و حتى حمّاماتها التي توقفت بدورها عن الخدمة بعد وفاة أصحابها فكم من متحّسر على أيام حمّام “شتوان” و “زوليخة” و كذا مخابزها التي كانت تعّج بالنسوة و الأطفال من كل جانب أيام العيد لأجل إحضار سينيات الحلوى فرحم الله أيام كوشة “شيكولا” و كذلك “المعسكري”  وهلّم جّرا .

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram