ما قل ودل

من رحم الكاثوليكية نحو الإسلام مجدّدا…أبو هريرة ينتشل أحفاده من دين التثليث إلى دين التوحيد

في يمين الصورة محاكاة لمغادرة آخر سلطانة لغرناطة و في الشمال التنصير الإجباري للفتيات الأندلسيات

شارك المقال

في حلقتنا الثانية و الأخيرة التي آثرنا من خلالها سرد قصة أحفاد الموريسكيين الذين هاجر أسلافهم خوفا على دينهم أيّام محاكم التفتيش عندما سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس , أين شرحنا في الحلقة السابقة بالتفصيل عن النشاط الدعوي الذي ينتهجه بعض الدعاة الذين يبتغون وجه الله و ينقّبون عن أصول العائلات الإسلامية في مغارب الأرض و مشارقها , حيث كانت وجهتهم فنزويلا أين تعّرفوا على إحدى العوائل ذات الأصول الموريسكية , حيث انتهى الجزء الأول من قصتنا بتعارف هؤلاء الدعاة الذين ينذرون عطلتهم السنوية لإعادة إحياء الجذور الإسلامية في نفوس أفراد هذه العائلات بعائلة ذات أصول موريسكية .

و كنّا قد توقفنا في الحلقة الماضية عندما أحضرت العجوز التي يعتبرها أفراد العائلة الأم الروحية لأسلافهم السابقين كتابين كانت تحتفظ بهما كإرث عائلي وصلاها بالتواتر أي من جّد إلى جّد و من كابر نحو كابر , و المفأجأة كانت عندما أعلم الشخص الداعية أن الكتاب الأول هو مصحف قرآن حينها فسّر للعائلة بأن أصولهم إسلامية , يعني أنهم هم من العائلات التي هربت بدينها من محاكم التفتيش و كانت وجهتهم نحو العالم الجديد أي أمريكا اللاتينية في ذلك الوقت زمن إكتشاف كريستوف كولمبوس .

لكن الطامة الكبرى التي تلقاها الشخص الداعية و أصحابه هو الكتاب الثاني و هو يحمل شجرة العائلة بقي محفوظا كما هو و كأنه كتب بالأمس , و بلغة عربية واضحة بخط كوفي بارز حيث عند اطّلاع راوي القصة عن شجرة نسب تلك العائلة الفنزويلية التي أصبحت مع مرور الزمن تدين بالكاثوليكية , إنفجر بالبكاء الهيستيري أمام من كانوا ملتفين حول طاولة العشاء , و حين سأله زملاؤه عن سبب تصرفه المفاجئ أطلعهم على أن أصل العائلة الأول يعود لأبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم , و هنا بدأ نحيب الجميع شفقة على مصير هذه العائلة التي جرفت بها آلة الزمن من بلاد الإسلام إلى ديار المسيحية .

و رغم إبلاغ المعني بالأمر المعنيين بالأمر عن أصلهم الأول و أنهم ينحذرون من بلاد الحرمين الشريفين و جّدهم الأكبر يعتبر صاحب السراج المنير الذي جاء بدين الحق من عند رب السماوات و الأرض , لم يفهموا شيئا مما يقول و شكروا لهم مجيئهم و تبيان ما كان مكتوبا في الكتابين و افترق الدعاة الذين شارفت عطلتهم السنوية على نهايتها و بقيت العائلة الفنزويلية على حالها التي وجدوها عليه .

و يقول راوي القصة و هو طبيب جرّاح أنه عندما عاد لبلده و في يومه الأول عاش حلما مفزعا تكّرر معه عدة مرات و كان بمثابة رسالة واضحة , حيث يقول جاءه في المنام شخص أبو هريرة و عاتبه بشدة على تركه أحفاده على غير مّلة الإسلام التي جبلوا عليها وهنا اعتبر الشخص الراوي أن الأمر لم يعد مجرد حلم بل هو رسالة باتت واضحة المعالم .

و في صباح اليوم التالي اتصل بكل أصدقائه الذين عاد كل منهم إلى عمله , حيث يعتبرون من علية القوم فمنهم الطبيب الجرّاح و منهم الصيدلي و منهم الطيّار و هلم جّرا , و شرح لهم الموقف الذي حصل معه و كيف بات يحرم من النوم كل ليلة , و أشار عليهم بأنه عائد مجّددا إلى فنزويلا لكي يحاول مع تلك العائلة لعّل و عسى يهديهم الله إلى طريق الحق مثلما هدى أسلافهم الغرناطيين سابقا .

فاتفق الجميع للعودة مجّددا لأمريكا اللاتينية  فكانت الوجهة فنزويلا و كم كانت فرحة أفراد العائلة كبيرة و خصوصا المرأة العجوز حيث أنهم مباشرة بعد علمهم بما كشف لهم من الأمر بدؤوا بالبحث و التحري و التقصي عن الدين الحنيف , حيث يقول أحد أفراد العائلة أنه وجد الأخلاق التي يتمتع بها أفراد عائلته و كذلك العديد من السلوك في الدين الحنيف كحسن الضيافة و صدق الحديث تنطبق عليهم .

و كم بكت الجدة المسكينة كثيرا عندما رأت طريقة صلاة الشخص الراوي و أصحابه , قائلة لهم بأنها عندما كانت طفلة صغيرة كانت ترى جدها و جدتها يؤديان نفس الحركات في عدة أوقات من اليوم , أي من طلوع الفجر حتى غروب الشمس و كان جدّيها يمنعانها من التحدث للغير عن ما يقومان به حيث كان اعتناق أي دين آخر غير الكاثوليكية في تلك الفترة من المحرّمات .

و بعد اجتهاد الدعاة في شرح تعاليم الدين مستندين في ذلك للحّجة و البرهان و من عبق أحاديث سيد الأنام محمد عليه الصلاة و السلام , اهتدى أفراد العائلة الفنزويلية مجّددا لدين الإسلام و تحرّكت الغريزة و الفطرة الدينية لديهم و تولّدت لهم شعلة إيمانية أعادتهم عبر عجلة الزمن أين جاء أسلافهم فاريّن بدينهم من بطش محاكم التفتيش الإسابنية التي كانت تقتل كل من هو مسلم بعد حروب الإسترجاع التي سقطت من خلالها مدينة غرناطة آخر قلاع المسلمين في الأندلس سنة 1492 .

للتذكير أن هذه القصة سمعها كاتبها صحفي جريدة “المقال” من الراوي نفسه و مثلما نقول أن العهدة تبقى على الراوي , و المستخلص من هذه القصة أنه لا تزال هناك عدة عائلات ذات أصول إسلامية ذابت من خلال الهجرة القسرية أو التهجير المتعّمد في المجتمعات الأوروبية , تماما كما حصل مع المهّجرين الجزائريين في كاليدونيا و أيضا جزيرة غوييانا البعيدة في المحيط الأطلسي , لكن كل ودّنا أن يعود أحفاد المسلمين إلى دينهم الأصلي الحنيف و مع نهاية هذه القصة نضرب لكم مجّددا موعدا مع قصص دينية من الواقع و السلام ختام .

 

رحلة العودة لإعتناق الإسلام من أمريكا الجنوبية…آهات الفارين من الأندلس تسمع بعد قرون في فنزويلا

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram