بات المشكل الذي يؤّرق الجزائريين مع اقتراب عيد الأضحى المبارك دائما هو الشكوى من الأسعار الملتهبة للخرفان , حيث باتت الأجوبة التي يفقه الموالون في حفظها هي الشكوى من الجفاف و نذرة الكلأ و غلاء التبن و تخلي الدولة عن الدعم و أيضا في غالب الحالات ارتفاع أسعار كراء أماكن تربية الكباش و كلها أجوبة يقنع من خلالها الموّال الزبون لغرض تجفيف منابع المال في جيوبه .
لكن حسب المختصين في تربية المواشي و يشاطرهم الرأي البياطرة لماذا لا يتم بعث مشروع تربية أغنام الدغمة من جديد و التي تذّكر السامعين من عيار أبائنا و أجدادانا بعيد أضحى زمان , أين كان الخروف بقيمته شكلا و مضمونا -أي جودة لحومه و شحومه – و ما سر أختفاء هذه السلالة عن السوق الجزائرية .
فحسب مرويات شيوخ زمان من السكان الجزائريين فإن الفرنسيين كانوا يأخذون من هاته الفصيلة بمئات الآلاف من الرؤوس , و قد أقام المستعمر الفرنسي خط السكة الحديدية الرابط بين بشار و المحمدية ثم الموانئ في القرن الماضي من أجل نهب أغنام الدغمة التي كان منبتها في سهوب الناحية الغربية , حيث قدّرت الرؤوس المنهوبه حوالي 2 مليون رأس وذلك لجودة لحومها المطلوبة عالميا .
و أغنام الدغمة مثلما يروي الخبراء في المجال هي سلالة إقتصادية تسمى صديقة الموال بحيث تكتفي بالمرعى فقط لتسمن , و تمتاز هذه السلالة المحلية بالخصوبة العالية حيث تنجب خروفين إلى أربعة كل 14 شهر .
لكن عبث الفرنسيين و التهريب نحو الحدود الغربية دون نسيان تقاعس المربيّن أدى بهذه السلالة إلى الإنقراض , اللهّم إلا بعض المهتمين الذين لا يزالون يحافظون على هذا النوع من الأغنام الجزائرية الأصيلة بنواحي مدينة سعيدة , حيث أن أمثال هؤلاء هم الذين يحتاجون الدعم الحقيقي فهم بذلك يحافظون على الموروث الجزائري إن صح التعبير .
و استنادا للأرشيف الفرنسي تكون أغنام الدغمة أنقذت الفرنسيين من شبح عدة مجاعات و كذلك كانت مصدرا للطاقة الحيوية لجنودهم عند اندلاع الحروب و الأزمات , و السؤال الذي يبقى مطروحا ما السّر وراء الرغبة في انقراضها مادامت هذه السلالة التي تضاهي في جودتها أغنام أولاد جلال و تفي بالغرض و تعّزز لمشروع كبش في كل بيت جزائري مستقبلا علما أن الجواب موّجه لأهل الحّل و الربط و كل عام و أنتم بألف خير .