ما قل ودل

من تناول الخمر و عالم العربدة…إلى حّج بيت الله و حسن الخاتمة

شارك المقال

قصة اليوم استقيناها لكم أيضا من الوقت الحاضر أو بالأحرى من ثمانينات القرن الماضي , حيث أن مجريات هذه الحكاية جرت في مدينة وهران و بالضبط في الشركة الوطنية لنقل المسافرين أين علمنا بتفاصيلها بأحد من عايشها و عاش أطوارها حيث يقول بشأنها…

كان الجّو حارا تلك الصبيحة من أحد أيام شهر جوان و كان الجميع من العمال ينتظرون بشغف كبير عملية القرعة بالنسبة لمن سيسعفه الحظ و يذهب لزيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج , و كان ذلك الموعد بمثابة يوم عيد حيث كان الكل يتمنى أن يخرج فائزا بهذه القرعة ليكون ضيف الرحمن لذاك الموسم .

فقانون القرعة واضح فهو يخّص شخص واحد فقط لأداء هذه الرحلة الإيمانية , و هنا أمر مدير المؤسسة بكتابة أسماء جميع العاملين مهما كان تخصّصهم و رتبهم حيث شارك السائقون و الميكانيكيون و الكهربائيون و عمال الصيانة دون نسيان عمال الإدارة و المطبخ إلى الرئيس المدير العام نفسه .

و بعد كتابة أسماء المترشحين لهذه الجائزة االربّانية بدأت عملية خلط الأوراق في علبة كرتونية , و بعد الخلط لعدة مرات جيئ بطفل صغير من أبناء أحد العمال ليلتقط بطاقة صاحب الحظ الوافر و هنا تمنى كل من حضر العملية أن يكون اسمه مدونا على البطاقة التي سيحملها الملك الصغير .

عندها حدثت المفاجأة فصاحب الحظ لم يكن من بين الحضور فهو رجل خمسيني يعرفه الجميع فهو صاحب خير على المساكين و يعمل في منصبه كمحاسب , و لم يسبق و أن اشتكى من عمله أحد بل بالعكس فهو يقوم به على أحسن ما يرام , لكن عيبه الوحيد هو إدمانه على شرب الخمر .

و صاح أحدهم من بين الحاضرين الذين وقفوا مشدوهين لما آلت إليه النتيجة بأن تعاد القرعة لأن المعني بالأمر متواجد في نفس التوقيت بأحد الخمّارات , و هو ما شهد عليه أكثر من ثلاثة أشخاص , لكن رجلا عجوزا حضر عملية القرعة صّرح بأنه ما دام قد تم سحب إسم المعني من العلبة فإنه لا بد أن في الأمر إن و يجب أن يستفتى ذاك الشخص في هذا الأمر .

و هنا قيل لذاك الشخص العجوز الستيني صاحب الإقتراح هو من سيبّلغ المعني شخصيا بالأمر , و قبل بهذه المهمة التي ستأخذه نحو الخمّارة التي استحى لدخولها و طلب من أحد الأشخاص أن ينادي على صاحب الحظ الذي بمجرد خروجه نحو العجوز إحمّرت وجنتاه و طفق ميتا من الخجل أمام زميله في العمل .

و اعتقد بادئ الأمر أن حضور زميله العجوز يكون لأمر طارئ حدث في الشركة , لكن اقترح زميله أن يترافقا نحو المقهى لأمر يخصه , و هنا كشف له ماذا في جعبته و تفاجئ المعني من هول الخبر العجيب الذي سقط عليه كالصاعقة .

فعرف بطل قصتنا أنه ذو حظ عظيم و هذه الدعوة ماهي سوى رسالة جاءته من رّب السماء كي يستقيم ظله , و هنا أسّر لصاحبه باعتراف بأنه لا يعرف كيفية إقامة الصلاة فما بالك أداء فريضة الحج , و هنا بدأ سعيد الحظ بتلقى أمور دينه دبر كل صلاة حتى صار قلبه مليئ بالإيمان و طاف بالبيت العتيق و عاد كيوم ولدته أمه .

و بعد عامين من هذه الرحلة الإيمانية شاءت الأقدار أن تفيض روح الرجل إلى بارئها و نحسب أن تكون من ساكنة الجنان و لا نزّكي على الله أحدا , فطوبى لمن أوتي حسن الخاتمة مصداقا لقول رسول الهدى صلى الله عليه و سلم ” إذا أراد الله بعبد خيرًا عسّله ” قيل: يا رسول الله، وما عسّله؟ قال ” يفتح له عملا صالحًا بين يدي موته حتى يرضى عنه من حوله” , فطوبى لمن عسّله الله قبل موته .

 

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram