ما قل ودل

يعتبر منهلا للعلم و الفقه و أصول الدين…الإمام لخضر بن يخلف فارس المنابر في معسكر

شارك المقال

يملك لخضر بن يخلف الإمام المتقاعد من مسجد دوار أولاد العوفي بماوسة , مكتبة اقتناها بماله الخاص تحتوي على ما يقارب 500 كتاب وتضم عدة عناوين في الفقه، اللغة، الخطابة والتفسير، والسيرة وغيرها إلى جانب أرشيف خاص “بجريدة الجمهورية ” سنوات السبعينيات .

مازال يطالع الكتب ويتصفحها ويطوف بين دفتيها معتبرا إياها زاد و رياضة فكرية كما له مجموعة كثيرة من الخطب والدروس المختصرة والمنقحة , الإمام لخضر بن يخلف من مواليد 13 مارس 1950 بدوار أولاد زماني، بلدية ماوسة، دائرة غريس، ولاية معسكر.

تعلم القرآن الكريم وحفظه في كتّاب قريته، أين تلقى مبادئ اللغة العربية والكتابة بمسقط رأسه، في المدرسة الحّرة بمعسكر، ثم بالمسجد العتيق بسيق، فالمدرسة الحّرة (بفاس) بالمغرب وبالمعهد الإسلامي لتكوين الأئمة بالعاصمة , دخل بالكتّاب آنذاك بعد الاستقلال مباشرة وقلبه ينزف دما لما شاهده في طفولته من همجية الاستعمار و وحشيته وما عاناه والديه إبّان الثورة التحريرية تجويعا وإقصاءًا وتشريدا.

هذه الذكريات لا تزال راسخة بذهنه فحفظ كتاب الله حفظا جيدا على يد الشيخ المرحوم “الحاج حمايدي علي” فكان قدوة يحتذى به ومثالا في الأخلاق، الصبر والصمود بارّا لوالديه وهو صبي لم يكتمل سن البلوغ , ختم القرآن الكريم خلال مدة ستة سنوات، وسنه لا يتجاوز 16 سنة أي في أواخر 1967.

ليشّد الرحال إلى مدرسة حرة بجانب المسجد الكبير بمعسكر بداية 1968 مزاولا دراسته لينال شهادة السنة الرابعة متوسط. سنة 1970 التحق المخضرم بمدرسة تكوين الرجال مؤديا واجب الخدمة الوطنية لينتقل بعدها إلى المسجد العتيق بمدينة الزيتون (سيق) بعد تأديته الواجب الوطني ملتمسا العلم على يد المرحوم الشيخ سي الحاج الطيب بويجرة الإمام والقاضي حاملا رسالة التحرير إلى جيل التعمير.

فوقع خلالها الانتقاء على “بن يخلف” لإقامة صلاة التراويح بالطلبة وهو طالبا في نفس المسجد شهر فيفري 1970 وكان موافقا لشهر رمضان المعظم و في 13 جويلية 1971 سافر إلى (فاس) ليكمل دراسته في المدرسة الحرة لمدة لم تتجاوز السنة (01) حيث كان مولعا في طلب العلم وحب الاطلاع والاكتشاف ليغادرها عائدا إلى مسقط رأسه مقتنيا كتابا بعنوان “شرح الألفية” مكون من أربعة أجزاء في مؤلف واحد.

ليقيم التراويح بأهاليه مدة ثمانية سنوات (08) بطلب منهم , لما رأوا فيه من خصال حميدة، فصاحة اللسان ووضوح إلقائه لكتاب الله صوتا وصفاء ودروسه التي لا تكاد تنقطع وليونة جانبه لقومه واحتكاكهم به أين كان يمارس في نفس الوقت نشاط الفلاحة بإحدى المزارع القريبة من مقر سكناه لمدة 10 سنوات، حيث زاوج بين العلم والعمل، فحظي بالاحترام من جميع أقرانه.

هذه الشخصية الفّذة ونظرا لحبه مطالعة الجرائد عثر في إحدى صفحاتها سنة 1977 إعلانا يتضمن توظيف الأئمة والتي كثيرا ما كانت أمنيته التي اقترنت بتوّفر شروط الترشح , زيادة على الرغبة , حبه للمنبر و المساجد و القرآن والمجتمع منذ نعومة أضافره فكان سباقا في الترشح وكان الرد إيجابيا من وزارة الشؤون الدينية .

فكان من بين المشاركين في المسابقة الإمام لخضر بن يخلف ليحظى بالنجاح ليستدعى لمباشرة التكوين بعد إجرائه للمسابقة بأشهر قليلة، فدام التكوين سنة كاملة بالمعهد الإسلامي لتكوين الأئمة بمفتاح، حينها تشّبع بزاد العلم والمعرفة في مختلف المواد ملتقيا بكوكبة من الطلبة بمختلف ربوع الوطن أجساد متفرقة بقلب واحد ليتعرف على تراثهم وتقاليدهم .

فعاد مجّددا في أواخر 1979 مزّودا حقيبته بعلوم الفقه، تاريخ إسلامي، التجويد، الفلسفة وغيرها ليتم تعيينه كإمام بتاريخ 01 أوت 1979 في المسجد الكبير بمعسكر، مقيما الصلوات الخمس، صلاة الجمعة وقيام التراويح، وملقيا دروسا للأئمة .

بعدها تم انتدابه لإلقاء دروس الوعظ والإرشاد في مؤسسة إعادة التربية وبالثكنات العسكرية ليلا في رمضان فعضوا بمديرية الشؤون الدينية ثم تولى مراقبة 22 مسجدا لتعليم القرآن قصد التقييم والتوجيه.

مارس رسالة الامامة متنقلا بعدة مساجد وشارك في عدة تربصات لتنمية قدراته وتجديد معارفه ورسكلتها، فكان يشارك أهله في السرّاء الضرّاء ليعيش آمالهم وآلامهم فكان يصول ويجول في كل نواحي معسكر، صديقا، مرشدا ومصلحا وناصحا إلى غاية تقاعده في 01 سبتمبر 2019.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram