ما قل ودل

حينما أنقذ البشرية فلاح فقير

السير ألكسندر فلمنج صاحب نوبل في الطب في مختبره

شارك المقال

تعلمنا القصة التي استلهمت العالم إلى غاية اليوم و التي سنرويها خلال هذا العمود اليومي , أنه فعلا بأن الجميل يظل جميلا و لو مرّت عليه القرون و أن خالق الكون لن ينسى الوفاء و سوف يجازي به صاحبه في الحياة الباقية قبل الفانية , فقصة اليوم تروي كيفية تحول طفل فقير إلى صاحب جائزة نوبل عقب اكتشافه دواء خاص و هو أول مضاد حيوي في التاريخ اعتبر في بداية القرن الماضي منقذا للبشرية من موت جماعي محّقق و بفضله تم إنقاذ آلاف الأرواح من عالم الضياع .

القصة الرائعة هذه حدثت ﻓﻲ إﺳﻜﺘﻠﻨﺪﺍ , ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻼ‌ﺡ ﻓﻘﻴﺮ ﻳﺪﻋﻰ ﻓﻠﻤﻨﺞ ،ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟشديد، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺸﻜﻮ ﺃﻭ ﻳﺘﺬﻣﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺋﻔـًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺑنه من الفقر الذي يعيشه ، ﻓﻬﻮ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍﺑﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﺻﻐﻴﺮًﺍ ؟!

ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺠﻮﻝ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺮﺍﻋﻲ ، ﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻛﻠﺐ ﻳﻨﺒﺢ ﻧﺒﺎﺣًﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮًﺍ ، ﻓﺬﻫﺐ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺣﻴﺚ ﻭﺟﺪ ﻃﻔﻼ‌ً ﻳﻐﻮﺹ ﻓﻲ ﺑﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺣﻞ ﺗﺮﺗﺴﻢ على وجهه ﻋﻼ‌ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭﺍﻟﻔﺰﻉ ، ﻳﺼﺮﺥ ﺑﺼﻮﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﺍﻟﺮﻋﺐ.

ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻠﻤﻨﺞ , ﺑﻞ ﻗﻔﺰ ﺑﻤﻼ‌ﺑﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﺤﻴﺮﺓ ﺍﻟﻮﺣﻞ , ﺃﻣﺴﻚ ﺑﺎﻟﺼﺒﻲ , ﺃﺧﺮﺟﻪ , ﺃﻧﻘﺬ ﺣﻴﺎﺗﻪ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ , ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻼ‌ﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﺮﺑﺔ ﻣﺰﺭﻛﺸﺔ ﺗﺠﺮﻫﺎ ﺧﻴﻮﻝ عظيمة ﻭﻣﻌﻪ ﺣﺎﺭﺳﺎﻥ ، ﺍﻧﺪﻫﺶ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮ , وﻫﻨﺎ ﺃﺩﺭﻙ أﻧﻪ ﻭﺍﻟﺪ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬﻩ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ .

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ: “ﻟﻮ ﻇﻠﻠﺖ ﺃﺷﻜﺮﻙ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ , ﻓﻠﻦ ﺃﻭﻓﻲ ﻟﻚ ﺣﻘﻚ , ﺃﻧﺎ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ ﺑﺤﻴﺎﺓ إﺑﻨﻲ , أﻃﻠﺐ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺃﻭ ﻣﺠﻮﻫﺮﺍﺕ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻘﺮ ﻋﻴﻨﻚ”.

ﺃﺟﺎﺏ ﻓﻠﻤﻨﺞ: “ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ  ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻓﻌﻞ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻲّ ﺿﻤﻴﺮﻱ , ﻭ ﺃﻱ ﻓﻼ‌ﺡ ﻣﺜﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﻔﻌﻞ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ , ﻓﺎﺑﻨﻚ ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ إﺑﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌّﺮﺽ ﻟﻪ ﻛﺎﻥ من الممكن

ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ إﺑﻨﻲ ﺃﻳﻀﺎ “.

ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ: “ﺣﺴﻨـًﺎ , ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ إﺑﻨﻲ ﻣﺜﻞ إﺑﻨﻚ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺳآﺧﺬ إﺑﻨﻚ ﻭﺃﺗﻮﻟﻰ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﺣﺘﻲ ﻳﺼﻴﺮ ﺭﺟﻼ‌ً ﻣﺘﻌﻠﻤًﺎ ﻧﺎﻓﻌًﺎ ﻟﺒﻼ‌ﺩﻩ ﻭﻗﻮﻣﻪ “.

ﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ ﻓﻠﻤﻨﺞ , ﻃﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ , ﺃﺧﻴﺮًﺍ ﺳﻴﺘﻌﻠﻢ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ , ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺨﺮﺝ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﻣﺎﺭﻱ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ , ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺭﺟﻼ‌ً ﻣﺘﻌﻠﻤًﺎ ﺑﻞ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻛﺒﻴﺮًﺍ .. ﻧﻌﻢ , ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﻴﺮ ﺃﻟﻜﺴﻨﺪﺭ ﻓﻠﻤﻨﺞ ( 1881 ــ 1955 ) ﻣﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ penicillin ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1929 , ﺃﻭﻝ ﻣﻀﺎﺩ ﺣﻴﻮﻱ ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹ‌ﻃﻼ‌ﻕ , ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1945.

ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻫﻜﺬﺍ ﺑﻞ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻣﺮﺽ إﺑﻦ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﻬﺎﺏ ﺭﺋﻮﻱ , ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬ ﺣﻴﺎﺗﻪ !!

كل ذلك ﺑﺪﺃ ﺑﻔﻼ‌ﺡ ﺍﺳﻜﺘﻠﻨﺪﻱ ﻓﻘﻴﺮ ﺃﻧﻘﺬ ﻃﻔﻼ‌ً ﺻﻐﻴﺮًﺍ !

ألقي خبزك على وجه المياه وسوف يأتي ولو بعد حين .. فحقا صدق المولى العزيز القدير حين قال “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ” .

 

منقول من قصة فليمينج الحقيقية بتصرف
Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram