ما قل ودل

القاضي بن عودة بن ددّوش الوهراني…أحد الجواهر العرفانية للرحلة الحبيبية

كتاب الرحلة الحبيبية و على اليمين صورة لأحد أعيان وهران في الماضي

شارك المقال

قبل إنطلاقة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بأيام آثرت جريدة المقال التعريف بعدة أعلام زخرت بهم الباهية فيما مضى و كان لهم الأثر الطيب في مشوار مدينة وهران العامرة و خلال عمود ما قل و دل لهذا اليوم إخترنا لقرّائنا الغوص و التبّصر في مؤلف الرحلة الحبيبية الوهرانية لمؤفه الرحالة أحمد بن الحاج العياشي سكيرج و الذي دوّن من خلاله مذكراته إبان رحلته التي قادته في بداية القرن الماضي من وهران نحو سيدي بلعباس و تلمسان و مستغانم .

ولقد اجتمع المؤلف خلال زيارته لمدينة وهران بالعديد من أعلامها وتذاكر معهم، وكلما التقى بأحد منهم سأله عن اسمه ونسبه، فيتوصل بذلك إلى معرفته ويفتح باب المذاكرة معه في شغله وطلبه، وهذا المسلك قل من كان يسلكه في ذلك الوقت حسب رأي المؤلف. وقد أحصى أسماء جميع من التقى بهم في أوراق خاصة مع الاشارة إلى الفوائد التي تحصل عليها من المذاكرة معهم، ولكن يد الدهر الخائن كما قال اختلست منه بعض ما جمعه فضاعت منه أغلب تلك التقاييد المتعلقة بهؤلاء الأعلام مع بعض الكتب والتحف التي أعدها هدايا لأحبابه بمناسبة عودته من السفر إلى بلاده.

هذا وقد اعتذر المؤلف عن ذلك قائلا: ” ولم أتأسف إلا على ضياع ما كتبته من تراجم السادة الذين لم استحضر الآن أسماءهم مع المذاكرات الواقعة معهم، فلذلك أقدم بين يدي نجواي اعتذارا لمن يطلع على هذه الرحلة فلا يجدني وفيت بمقدار المسلك الذي سلكته بذكر جميع من لاقيته وعرفني وعرفته” .

و من هؤلاء الأعلام الذين ذكرهم المؤلف، ووقف على بعض ما قيده عنهم في أوراقه , قاضي وهران أبو العباس أحمد بن حامد بن عودة ابن ددوش التلمساني. جاء عنه في الرحلة أنه حائز قصبات السبق في المقامات العرفانية، العلّامة الفاضل، المتحلي بأجمل الفضائل، السيد الجليل، ذو المنصب الجميل، له أخلاق عذبة المذاق، دالة على طيب الأصول والأعراق، قد توفر فيه الحسن والإحسان، فهو حسن الخلق والخلقة، يملأ عين ناظره سرورا، وينشرح به الصدر انشراحا ونورا.

وقد خاض القاضي ابن ددوش مع المؤلف في المذاكرة فنونا، وأبدى له من كنوز الأسرار جوهرا مصونا، كما خاض معه في بحور المعارف وتحقيق أصولها، لما جبل عليه من البحث عن حقائق الأشياء، حتى انجر الكلام إلى فنون السيمياء من حروف وأسماء، وكذلك الحديث عن علم الكيمياء والكتب المؤلفة فيه، هذا فضلا عن خوضهما في أسرار الطريقة التجانية وأذكارها الخاصة بأهل المراتب العرفانية. كما استفسر المؤلف من القاضي عن المقصود بالتماثيل الموضوعة على أبواب المحكمات ومعنى الرسم العجمي المرفوع عليها، فذكر له أن ذلك إشارة إلى المساواة والحرية و الأخوة.

ويضيف المؤلف قائلا عن قاضي وهران ابن ددوش , ولصاحب الترجمة الباع الطويل في اللغتين العربية والفرنسية، يتقن الفرنسية اتقانا تاما بفصاحة محكمة، يستحلي السامع كلامه إذا تكلم، وإن سكت تكسوه حلة الهيبة فلا يتجاسر أحد على مخاطبته إلا إذا تبسم. وقد تصّدر لخطة القضاء زمنا طويلا في قطر السودان وقطر وهران، ففاز بالتقدم على غيره من الإخوان.

 

بتصرف من مؤلف الرحلة الحبيبية الوهرانية

 

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram