ظهر القفاز الجزائري خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط بمظهر جد مشّرف سواءا بالنسبة للذكور كما هو الشأن بالنسبة للإناث في سابقة أولى من حيث عدد البطاقات المحجوزة للموعد النهائي .
و هو ما يثبت قوة الملاكمة الجزائرية عبر مختلف الحقب , فلا ينبغي لنا أن ننسى أن أول ميدالية أولمبية في تاريخ الرياضة الجزائرية كانت من صنع الفن النبيل الجزائري و التي توّج بها الملاكم موسى مصطفى خريج مدرسة جمعية وهران التي اندثرت حاليا و لم يبق لها أثر في الوقت الراهن .
و من خلال هذا العمود سوف نلقي الضوء على انحسار تطور الملاكمين على صنف الهواة فقط في حين نرى أنه بالإمكان البروز في عالم الإحتراف , و نأخذ هنا مدينة وهران كعينة كانت فيما مضى يضرب بها المثل في مجال الفن النبيل , حيث أنجبت أمثال موسى مصطفى , محمد بودشيش و عابد بن عيسى و فرقان و كلهم وصلوا للمستوى الأولمبي لكنهم لم يجدوا طريقهم في مجال الإحتراف معبدا خصوصا و أن أمثال هؤلاء بالتحديد كانوا مشاريع أبطال العالم فما الذي جرى يا ترى لإجهاض هكذا مشاريع .
الكل يعلم أن عالم الإحتراف في الفن النبيل ينبغي أن تتدخل فيه اليد العليا للدولة من أجل رعاية مشوار أي ملاكم , فالإحتراف يتطلب تتبع دقيق لكن الإفلاح فيه يعني بروز البلاد على الساحة العالمية تماما مثلما جرى للفلبين التي رفعت رايتها بين الأمم العالمية من خلال إيلاء الرعاية للملاكم “باكياو ” , الذي أصبح بطلا للعالم و باتت تذكر الفلبين في المحافل العالمية بمجرد ذكر إسمه .
فالإحتراف في بلادنا عرف فترات ذهبية في عهد المرحوم لوصيف حماني و كذلك ولد مخلوفي الذان وصلا لنهائي بطولة العالم , لكن للأسف انهزم حماني بالضربة القاضية أمام بطل العالم الأمريكي “مارفين هاجلر” و أيضا ولد مخلوفي الذي انهزم بالنقاط أمام الياباني “شيباتا ” , غير أن مشوار الملاكمين موسى مصطفى و محمد بودشيش جاء مغايرا حيث أصبح هذين الملاكمين مجرد فئران اختبار لتحضير أبطال العالم في نزالات ودية فقط ما وراء البحار و أنهيا مشواريهما بلا ألقاب إحترافية .
و يرجع مختصو الملاكمة عدم بروز الجزائر على الصعيد الإحترافي أيضا لمكوث الملاكمين لمدة أطول في ميدان الهواة , و هو ما يعني استنزاف طاقة الملاكم حيث أنه ينبغي أن لا يتعدى سن المحترف 25 سنة فما تحت , لأن الإحتراف يتطلب نفسا طويلا حيث يتضاعف عدد الجولات من عشرة إلى إثني عشر جولة حسب طبيعة اللقب قاري كان أم عالمي .
لذا فبات على المسؤولين عن الفن النبيل ترقية بعض الملاكمين لصنف الإحتراف , فهناك من يمكنه المنافسة على الألقاب العالمية من عيار محمد فليسي الذي بإمكانه البروز في وزن الذبابة أو الديك خاصة و أنه يتمتع بخفة على طراز ملاكمي أمريكا اللاتينية و غيره كثيرون ممن جادت بهم طبعة ألعاب البحر الأبيض المتوسط .
لكن مثلما يعرفه العام و الخاص فميدان الإحتراف يلزمه تخطيط مسبق و بإحكام بدءا بالبحث عن مناجرة عالميين يتولون شؤون الملاكمين المحترفين و برعاية المسؤولين الجزائريين لذا بات لزاما دراسة موضوع الإحتراف بروية حيث يمكن للجزائر أن تقود بفضل قفازها العالم على الصعيد الإحترافي .
.