ما قل ودل

صيف سياحة الذاكرة…بطيوة -ذكريات شخصية تستدعي التاريخ والآثار-

الشيخ المرحوم المهدي البوعبدلي و على يمين الصورة الآثار الرومانية لمدينة بطيوة

شارك المقال

 

إخترت من أيام عطلتي العودة إلى مكان تربطني به محبة خاصة، إذ سكنت عين البية (اللبيّة-أنثى الأسد) (مقر إدارة سوناطراك وشركاتها)، البلدية الهادئة التي تتبع اداريا بطيوة، بداية اقامتي كانت في سنة 1999 بعد رحيلي من حي زبانة بارزيو الذي قضيت فيها مؤجرا مدة ثلاث سنوات.

في  تلك السنوات كنت انتقل الى جامعة وهران للتدريس وللعمل الاعلامي في آن واحد، لم أكن أعرف عن هذه المنطقة غير شركتها البترولية أو زاويتها التاريخية التي أسسها ببطيوة الشيخ بوعبدالله الولي الصوفي(ت 4نوفمبر 1954)،.

عاشرت أهل عين البية وجاورت بعضهم من إطارات الشركة ومن الذين كانت لهم ملاذا امنا من قضاة ورجال أمن في زمن التسعينات، فقد كانت قرية 5 محروسة وهي تشبه القرى التي هي تجمعات الموظفين والعمال الذين ينتسبون لشركة تكرير البترول وتمييع الغاز ، قرى بأرقام في محيط صناعي لا يعرف الا الأرقام.

بلدية  عين البية التي كانت تسمى زمن الاحتلال الفرنسي دامازم تشكلت فئات سكانية قدموا على مراحل تاريخية من غليزان ومعسكر وغيرهما من المدن القريبة واحترفوا جني العنب، ومازال شيوخهم يتذكرون اراض خصبة باشجار الكروم بمختلف انواعه زحف عليها الاسمنت والشركات الصناعية.

بطيوة الملاصقة لها اليوم هي الاصل في هذه النواحي ، فهي مدينة فينيقة رومانية مازالت الاثار باقية مهملة تطل على مشاعل سوناطراك وصخب المصانع والبحر، وهي مرحلة عصرية في تاريخ بطيوة والحزائر، بطيوة التي كان اسمها ارزيو ، فارزيو الحقيقية عي بطيوة، اما التي تتسمى الان فتأسيسها كان منتصف القرن التاسع عشر وكانت تسمى مرفأ ارزيو ، كما ان التسمية الرومانية لبطيوة هي (بوغتيس ماغنيس) (Portus Magnus)وفي حملة تغيير الهوية الجزائرية زمن الاستعمار لم تبق الادارة الفرنسية على الاسم البطيوي واسمتها سان-لو Saint-Leu.

و لكن بقيت التسمية القديمة هي الرائجة والتي قد تعود حسب الشيخ المهدي البوعبدللي -الذي تمر ذكرى وفاته الثلاثين في جوان الاخير- الى نهاية القرن السابع عشر او بداية القرن الثامن عشر حيث كرر مولاي اسماعيل سلطان مراكش هجوماته على الجزائر وتلقى الهزائم المتكررة حسب صاحب الاستقصاء ، ومازالت غابة تتسمى باسمه نواحي سيق (معسكر).

ولعل من هزائمه هناك فاتخذت التسمية كذكرى، مع سلطان مراكش قدم مجموعة معه من بطيوة الريف المغربي واستوطنوا عين النويصي(مستغانم) ثم سمح لهم الباي بسكنى بطيوة الحالية بمساكن الاثار الرومانية ، لان العرب يتطيرون منها ولا يقتربون سكنى البحر ولذلك شكلت قبائل حميان سياجا امنيا نواحي بطيوة ووهران، وهجرة بعض حميان من الجنوب تعود الى العهد الزياني والعثماني.

قرى بطيوة من العرابة ومسايسة والشهيرية وغيرها تتشكل ديمغرافيا من الناحية التاريخية بحميان وتوسعت في التسعينات بسبب الارهاب ونزوح السكان من ولايات اخرى مثل غليزان.

بطيوة تتزاحم فيها الذكريات والتاريخ بالخاضر والمستقبل ، الفينيقيون والرومان يجاورون زاوية سيدي بوعبدالله التي كانت عامرة ومقصدا للعلماء وتجاور ضريح جد البطيويين سيدي بن اعمر ولعله جد القاضي بن الطاهر شيخ الامير عبد القادر ، فقد تتلمذ الامير بزاويتها التي كان يديرها قاضي البلدة الذي تفنن في علوم العقل وانتهت حياته بخيانة حسب المؤرخين كلفته حياته في سجن الامير بمعسكر .

بهذه النواحي معركة المقطع الشهيرة التي قادها خليفة الامير خليفة بن محمود واستشهد في وطيسها ولكن هز اركان الدولة الفرنسية بالهزيمة التي لحقتها بفضل بطولات قبائل الغرابة (سيق)، ويتوسط عين البية وبطيوة السجن الفرنسي الشهير والذي كان معتقلا نزله وطنيون ومجاهدون وسياسيون وقد سمعت شهادات من صهري المجاهد رحمه الله العربي العربي من تيارت وحدثني عن الزعيم زغلول وعن مسرحيات ملتزمة كان يقوم بها المجاهد المعتقل حسن الحسني (بوبقرة).

هذا جزء من ذكريات سمعتها أو قرأتها و أطمع من المتفاعلين مخضها و إغناءها

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram