رغم أن ديننا الحنيف تدعو كل تفاصيله إلى الرأفة بالعدو إذا ما انتقل من حالة العز إلى حالة الذل مثلما جرى لإبنة حاتم الطائي و قصة إسلامها رفقة قبيلتها مع النبي صلى الله عليه و سلم معروفة كما جاء في الأثر,إلا أنه في زمننا الذي نتقاسم فيه الدين الواحد و اللغة الواحدة باتت شيمة عدم الإعتراف بالجميل هي السائدة.
و لعل كلامي هذا لا ينطبق فقط على ما جرى يوم أمس للفنان الوهراني رحال الزوبير الذي وجّه نداء استغاثة جيّاشة لعدم قدرته على مواجهة عقبات عجلة الزمن التي دارت به في زمن غير زمنه,و اشتكى عبر لايف مباشر من الفاقة نظير عدم امتلاكه لتقاعد مريح و هو الذي خدم الفن الوهراني بكل جوارحه و ساهم في بقاء أصالة هذا الفن رفقة العمالقة من أمثال الشيخ أحمد وهبي و بلاوي الهواري و أحمد صابر.
فمنظر رحال الزوبير الذي تغير مع دوران عجلة الزمن و هو يتوسل قوت عياله,استذكرت من خلالها حديث نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه و سلم “إرحموا عزيز قوم ذل” فأقسى ما تهابه العرب الأقحاح هو وقوف أحدهم عند باب الكريم و لا يؤذن له.
لكن الحمد لله لا تزال في بلادنا النخوة و لن ينقطع الخير فيها و من أبنائها و على أبنائها إلى يوم يبعثون,و الحديث عن عمي الزوبير الذي نرجو أن تلقى صرخته أذانا وزارية صاغية تقودنا إلى صرخات غالبا ما تكون داخلية تؤدي بصاحبها إن لم ينطق بها كما فعل الفنان الوهراني رحال الزوبير نحو الهلاك و مثواه الأخير.
فالحديث عن ما يجري للفنان بعد تقاعده من تهميش و نكران و جحود يقودنا لعدة مجالات و ميادين,خصوصا في عالم الرياضة الذي بمجرد أن يعّلق أي لاعب كرة قدم كانت أو يد أو سلة أو طائرة حذاءه و أيضا أي ملاكم يعّلق قفازه و هلّم جرا مع كل أدوات الرياضة,تبدأ مسيرة نكران الجميل فتبدأ الجماهير تنفك و تتنصل عن محبوبها بالأمس تماما كما تنفر الفراشات من المصابيح غير المضيئة.
و كم من مثال مّر على الساحة الرياضية عانى من التهميش و يتقدمهم المرحوم عريف رضوان الذي طالما توّسل التكفل به صحيا في الخارج لكنه ودّع محبيه بعجز أبدي في كلتا كليتيه,ناهيك عن اللاعب الدولي عبد القادر تلمساني الذي ناشد الفاف و الوزارة الوصية للتدخل من أجل إجراء عملية جراحية لكن لا حياة لمن تنادي,و إن سردنا الأمثلة المتبقية فلربما لن يتسع مقالنا لكل الأسماء التي ضحت من أجل الجزائر كل بطريقته و كل في ميدانه.
لذا وجب أخذ العبر و الأخذ بيد كل من يعاني في صمت و لا تسمح له عزة نفسه للبوح بها أمام الملأ,أين ينبغي تخصيص مرتبات قارة لهؤلاء و دعوتهم للإستفادة من خبراتهم و لو على سبيل إدلائهم بتجاربهم على طراز قال الراوي.
بعد توجيهه لنداء استغاثة عبر اليوتيوب…الوهرانيون يهّبون لمساعدة الموسيقار رحال الزوبير