
البرفيسور عاصم الشهابي -الجامعة الأردنية-
بينت الأبحاث الحديثة أن القناة الهضمية والدماغ مترابطان ، وهي شراكة تسمى محور القناة الهضمية. الاثنان مرتبطان من خلال إشارات كيميائية حيوية بين الجهاز العصبي في الجهاز الهضمي ، ويسمى الجهاز العصبي المعوي ، والجهاز العصبي المركزي الذي يشمل الدماغ. الاتصال المعلوماتي الأساسي بين الدماغ والأمعاء هو العصب المبهم ، وهو أطول عصب في الجسم.
يُطلق على القناة الهضمية اسم “الدماغ الثاني” لأنها تنتج العديد من الناقلات العصبية نفسها التي ينتجها الدماغ ، مثل السيروتونين والدوبامين وحمض جاما أمينوبوتيريك ، وكلها تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم الحالة المزاجية. في الواقع ، تشير التقديرات إلى أن 90٪ من مادة السيروتونين تصنع في الجهاز الهضمي.
ما يصيب القناة الهضمية غالبًا ما يؤثر على الدماغ والعكس صحيح؟ عندما يشعر دماغك بالمتاعب – فإنه يرسل إشارات تحذير إلى القناة الهضمية ، وهذا هو السبب في أن الأحداث المجهدة يمكن أن تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي مثل عصبية أو اضطراب في المعدة. على الجانب الآخر ، قد تؤدي نوبات من مشاكل الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون العصبي (IBS) أو مرض كرون أو الإمساك المزمن إلى القلق أو الاكتئاب.
يعمل محور القناة الهضمية بطرق أخرى أيضًا. على سبيل المثال ، تساعد أمعائك على تنظيم الشهية عن طريق إخبار الدماغ عندما يحين وقت التوقف عن تناول الطعام. بعد حوالي 20 دقيقة من تناول الطعام ، تنتج ميكروبات الأمعاء بروتينات يمكنها كبت الشهية ، وهو ما يتزامن مع الوقت الذي يستغرقه الناس في كثير من الأحيان لبدء الشعور بالشبع.
كيف يمكن أن تتلاءم البروبيوتيك مع محور الأمعاء والدماغ؟ وجدت بعض الأبحاث أن البروبيوتيك قد تساعد في تعزيز الحالة المزاجية والوظيفة المعرفية وتقليل التوتر والقلق. على سبيل المثال ، وجدت دراسة نشرتها مؤسسة Frontiers in Aging Neuroscience أن مرضى الزهايمر الذين شربوا الحليب المصنوع من أربعة أنواع من البكتيريا بروبيوتيك لمدة 12 أسبوعًا سجلوا درجات أفضل في اختبار لقياس الضعف الإدراكي مقارنة مع أولئك الذين شربوا الحليب العادي.
ووجدت دراسة صغيرة نشرت في مجلة Gastroenterology أن النساء اللواتي تناولن الزبادي مع مزيج من البروبيوتيك مرتين في اليوم لمدة أربعة أسابيع كن أكثر هدوءًا عند تعرضهن لصور وجوه غاضبة وخائفة مقارنة بمجموعة تحكم. كما وجد التصوير بالرنين المغناطيسي أن مجموعة الزبادي كان نشاطها أقل في منطقة الجزرة ، وهي منطقة الدماغ التي تعالج أحاسيس الجسم الداخلية ، مثل تلك المنبعثة من القناة الهضمية.
الخلاصة، بالرغم من هذه الأبحاث المهمة فانه من السابق لأوانه تحديد الدور الدقيق الذي تلعبه البروبيوتيك في محور الأمعاء والدماغ لأن هذا البحث لا يزال مستمراً. قد لا تدعم البروبيوتيك صحة الأمعاء فحسب ، بل قد تدعم أيضًا صحة الدماغ.