انطفأ اليوم مصباح آخر من المصابيح التي كانت تنير مدينة وهران بعبق الثقافة و الفن الراقي النظيف,فلقد استيقظ عشاق الفن الرابع في مختلف ربوع الوطن على انتقال الممثل و المؤلف و الكاتب المسرحي “محمد فاضل” و هو لا يزال قادرا على العطاء,حيث رحل عن عالمنا و هو لم يناهز الستين بعد.
و يبدو أن المرحوم لم يكن يشكو مرضا عضالا قبل رحيله, بل يبدو أنه عانى الأمرين من التناسي و النسيان و التهميش الذي عاناه في الوسط الفني , الذي رغم شكواه المتكررة منه إلا أنه ظل مرابضا في مربع الركح الوهراني كممثل إن استدعى الأمر و مؤلف لمعظم جواهر المسرحيات الوهرانية.
فمن منا لا يتذكر روائع زمن المسرح الجميل , أين أخرج المرحوم من العدم إلى الوجود مسرحيات من عيار “الجنة و النار” و روائع أخرى أداها بامتياز صديقه و رفيق دربه “محمد ميهوبي” و “سمير زموري”.
فالرجل طيلة حياته تراه دوما مرافعا و مدافعا عن المسرح الأصيل, و يأبى دوما من خلال تلقين الشباب أصول الفن الرابع إلا أن يكونوا أوفياء لمبادئ الركح و يكونوا ظرفاء خفيفي الظل, و ليس تحت مسمى آخر, فالشهرة تمحى و الشخصية تستمر دوما مع الإنسان كما كان يقول المرحوم دوما.
فمحمد فاضل قلما تجده يخالط الوسط الأكاديمي, فلقد كان دوما يحتك بالجماهير في مقاهي أحياء “سان بيير” و “لاباستي” الشعبية ,حيث صرح لنا في العديد من المرات أن جل استلهاماته المسرحية و شخصياته في مخيال أعماله الركحية استقاها من هاته الأماكن.
تجدر الإشارة أن المرحوم في أواخر أيامه عانى بعض نكران الجميل و ظهر ذلك جليا خلال كتاباته الفايسبوكية التي جاء في آخرها ما يلي “إذا غادرت الحياة سوف أغادرها و أنا غاضب من بعض الأشخاص و إذا كان في العمر بقية سوف أعيد حساباتي”.
رحمك الله يا محمد فاضل و أسكنك فسيح جنانك و من هذا المنبر تعزي جريدة “المقال” عائلة المرحوم في وفاة فقيد المسرح الجزائري و ما يسعنا سوى قول -إنا لله و إنا إليه راجعون-.