ما قل ودل

لماذا يسمح الاحتلال الصهيوني بإنزال المساعدات جوا ويعرقل وصولها برا؟

شارك المقال

لإسرائيل أهداف عدة تريد تحقيقها من وراء السماح لبعض الدول بتنفيذ الإنزال الجوي، أفصح عن أحدها متحدث باسم جيش الاحتلال بقوله إن “إنزال المساعدات جوا يتيح للجيش التركيز على القتال”، مما يعني بحسب مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) خليل شاهين “موافقة إسرائيل” على هذه الوسيلة.

و يحدد شاهين للجزيرة نت أهدافا عدة أرادت إسرائيل تحقيقها في مقابل هذه الموافقة “الإنزال الجوي يعفي حكومة نتنياهو من الضغوط لفتح المعابر المغلقة، أو عدم وضع عقبات أمام تدفق المساعدات عن طريق معبر رفح”.

فلا يمكن للمساعدات الجوية أن تُفشل أهداف حرب التجويع المستمرة بشكل كلي، خاصة من حيث الكميات، فمثلا أسقطت الولايات المتحدة بالاشتراك مع الأردن 35 ألف وجبة طعام، أي وجبة واحدة في اليوم لهذا العدد، في حين لم يحصل نحو 670 ألف مواطن في شمالي القطاع على أية مساعدات.

إذا فالتركيز على إيصال كميات محدودة من المساعدات الغذائية يعني عدم الضغط على إسرائيل من أجل عودة مقومات الحياة الأساسية كالوقود لتشغيل المستشفيات وما تحتاجه من معدات طبية كأجهزة الأشعة والأكسجين وغير ذلك، إضافة إلى تشغيل محطات المياه والصرف الصحي لتفادي انتشار الأوبئة التي تهدد حياة الناس.

الإنزالات الجوية للمساعدات توفر مبررا لدولة الاحتلال للادعاء أمام محكمة العدل الدولية بأنها استجابت للإجراءات الاحترازية المؤقتة التي قررتها المحكمة, ما يزيد المخاوف أن الإنزال الجوي بموافقة إسرائيل قد يكون مقدمة لما هو أسوأ، أي الاستمرار في فصل الشمال عن الجنوب، وتنفيذ عملية برية في رفح، والسيطرة على معبر رفح ووقف استخدامه، ومواصلة إغلاق باقي المعابر, بما يعنيه ذلك من إعادة احتلال القطاع وعزله بالكامل عن العالم.

و الحديث الأميركي عن عملية إنزال جوي مستدامة للمساعدات وإنشاء ممر بحري، يلتقي مع الأهداف الإسرائيلية بخصوص عزل القطاع عن العالم، خاصة أن إسرائيل توصلت إلى تفاهمات مع قبرص بشأن إنشاء ممر بحري بذريعة إيصال المساعدات إلى غزة.

ولكن، كما يوضح شاهين، “هناك مخاوف من استخدام الممر في تشجيع الهجرة خارج القطاع، مما يعني أن الفشل حتى الآن في إجبار الغزيين على الهجرة القسرية بالجملة باتجاه سيناء تحت وطأة حرب الإبادة والقتل الجماعي قد يدفع إسرائيل لتنفيذ هذا الهدف بالتقسيط وعلى مراحل، مع الاستمرار بالتدمير الشامل لكل مقومات الحياة”.

الملفت في كل ذلك، بحسب شاهين، هو “موقف إدارة بايدن، إذ إن إنزال المساعدات جوا يمكن أن يتم لمنطقة محاصرة من جهة معادية، أما إنزالها على مناطق تحاصرها دولة تعتبر الحليف الأقرب للولايات المتحدة وتستفيد من جسر جوي أميركي من المساعدات والإمدادات العسكرية لمواصلة حرب الإبادة والتهجير، فهذا يفسر كدليل إضافي على أن الإدارة الأميركية هي شريك كامل في الحرب على غزة.

و يعتبر أستاذ العلوم السياسية حسام الدجني أن ثمة احتمالات تقف خلف التوجه لعمليات الإنزال، منها “تجاوز النظام الحاكم (ويقصد به حركة المقاومة الإسلامية “حماس”)، والتعاطي مع المواطن مباشرة، وقد يكون الهدف متعلقا بالصدى الإعلامي، مما يخفف من حجم الانتقاد لتل أبيب بانتهاج سياسة التجويع”.

وعن الاحتمال الثالث، يقول الدجني للجزيرة نت “ربما تخطط إسرائيل بهذه الخطوة إلى أن توسع من دائرة اتصالاتها واتفاقياتها حول المجالات الجوية من بوابة الإنزال الجوي للمساعدات، وربما تكون الاحتمالات الثلاثة معا تقف خلف التوجه الصهيوني الجديد”.

وليس بعيدا عما ذهب إليه من سبقوه، يقول المختص بالشؤون الإسرائيلية مصطفى إبراهيم إن عمليات الإنزال هي “تنسيق عالي المستوى مع إسرائيل وليست بطولة، وتدرك إسرائيل أن هذه الموافقة ترضي أصدقاءها من هذه الدول أمام شعوبها، كما أن إسرائيل بهذه الخطوة تحقق ما تعلنه جهارا من القضاء على حماس وأي دور لها في حكم غزة، وكذلك تصفية الأونروا كأكبر هيئة دولية تتحمل المسؤولية الإنسانية في قطاع غزة”.

وبرأي إبراهيم، فإن الإنزال الجوي للمساعدات “يعمّق من حالة الفوضى التي تريدها إسرائيل أكثر من المساهمة في إغاثة الجوعى، ويمتهن كرامة وآدمية المتضررين، فهي مجرد طرود غذائية جاهزة وآنية فقط، ولا تعالج آثار المجاعة التي تهدف من ورائها إسرائيل إلى الضغط على حماس ودفع الناس للثورة ضدها، لتحقيق مكاسب في مباحثات الهدنة وصفقة التبادل”.

المصدر: الجزيرة نت

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram