ما قل ودل

45 ألف ضحية سقطت في أسبوع واحد…الجزائريون تحملوا ما لا تطيقه الجبال مع فرنسا

شارك المقال

صباح اليوم و ككل يوم و أنا أتأمل الأخبار الصادرة من غزة و التي يعتصر من خلالها قلبي ألما, و أتقاسم مع إخوتي ككل الجزائريين مشاعر الحزن الممزوجة بالفخر على ما تقوم به المقاومة الفلسطينية من عمايل في الجيش الذي فرقع بالونه البروباغوندي, و بات كالخرقة البالية ينتظر تحالف الغرب معه لكي يبقى كالميكروب يفضي المرارة على المشهد في الشرق الأوسط بأكمله.

فمثلما قلت و مع أخذ نظرة خاطفة عن عدد الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا ما بعد طوفان الأقصى, و الذين تعّدت أعدادهم لثلاثين ألفا غشيتهم من الله شآبيب الرحمة و المغفرة, ترآى في ذهني عدد شهداء بلدي من أسلافنا الطاهرين, الذين بلغوا في ظرف أسبوع و البعض يقول في ثلاثة أيام 45 ألف شهيد أو ما ينيف عن ذلك خلال أحداث 5 ماي 1945.

و هنا ضربتني أمواج التساؤلات, أي إرهاب هذا الذي مارسته فرنسا في أبناء جلدتي, و عن أي حقوق إنسان لا تزال فرنسا تعوي في المؤتمرات و اللقاءات الأممية.

فرغم عدم تطور العلم العسكري حينها بحكم عدم انتاج القنبلة الذرية التي كانت تخضع للإختبارات تحت أعين أينشتاين, و ما تبقى من العلماء الألمان في إحدى الجزر الكاريبية المهجورة.

استطاعت فرنسا أن تبيد أمة بأكملها, ولعّل الجميع يوافقني الرأي أن عدة بلدان خليجية لحد الساعة لم تصل كثافتها السكانية إلى هذا العدد, و كأن فرنسا فعلت كل ما بوسعها لإبادة هذا الشعب, لكنه في آخر المطاف خرج حيا يرزق من رماده على طريقة النبي إبراهيم عليه السلام مع نار النمرود التي عوض إحراقه جعلته يثبت نبوته و يعلي صوت الحق الإلهي.

فمن خلال المشاهد القليلة التي وثقها حينها أحد مراسلي قناة ال “بي.بي.سي” الإنجليزية و الذي كان وجوده بالصدفة في الجزائر, ظهر جليا العنف الممارس من قبل الفرنسيين, كالمشهد الذي يظهر فيه راعي أغنام يشاهد ذاك المعّمر المتعجرف غير مصدق بأنه كان يريد أن يرميه بالرصاص و يسقط عند ناصية خيمته, و يعيد ذلك المجرم حشو بندقيته و كأنه في رحلة صيد, و يعيد إطلاق رصاصة الرحمة في رأس الشهيد المغفور له.

فذات المشهد الرهيب الذي تستحق من خلاله فرنسا نياشين و ميداليات في الإرهاب الحديث, يذّكر بنفس التصرفات الصادرة من الكيان الصهيوني, أين بات الجيش العبري ينتهج نفس النهج و كأن إجرام الصهاينة و الفرنسيين ينبع من موقد شّر واحد.

فحسب من عايش تلك الفترة و على رأسهم جدي و جدتي رحمهما الله التي ظهر من خلالها الجزائريون و كأن على رؤوسهم الطير, فتشابهت نفس المعطيات اليوم في فلسطين فّك الله أسرها , حيث عملت فرنسا على تسليم فوضوي للأسلحة على المستدمرين و جعلتهم يطاردون من يشاؤوون من ضحاياهم على طريقة بن غفير و ما فعله مع اليهود الحريديم.

و لم ترتكب فرنسا كارثة إجرامية فحسب, بل جرّاء رميها العشوائي للجثث من أعالي سفوح الجبال و الوديان و الآبار المهجورة و أعماق البحار, تحولت كامل ربوع وطننا إلى شبه مقبرة, و ارتكبت فرنسا الإستعمارية أسوأ كارثة صحية انجّرت من تحلل جثث الشهداء ,حيث حّل مرض “التيفيس” الذي قضى من خلاله جدي المرحوم الحاج محمد و آلاف مؤلفة من الجزائريين ليناهز رقم الشهداء إلى أكثر من 100 ألف.

فما يقوم به الإسرائيليون حاليا يشبه ما قام به حلفاؤهم الفرنسيون قبل قرن من الزمن, و الذين تفننوا في تجويع الجزائريين عبر عام البون أو عام الشر .

و مع تمني زوال الغمة عن إخواننا في فلسطين, وجب إيقاظ الذاكرة على ما قامت به فرنسا, ووجب أيضا لّي يديها من أجل إجبارها على الإقرار و الاعتراف بكافة جرائمها التي قامت بها و التي حتما لن تسعنا مجّلدات لذكرها…فرحم الله شهدائنا و العّز و السؤدد للجزائر و كل الجزائريين, و عاشت فلسطين.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram