تجسيدا لاتفاقية التعاون العلمي التي تم توقيعها يوم 18 ديسمبر احتفاء باليوم العالمي للغة العربية بين البروفيسور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية والبروفيسور سعاد بسناسي رئيسة أكاديمية الوهراني للدراسات و التفاعل الثقافي وعضو المجلس الأعلى للغة العربية.
انعقدت أول ندوة في الترجمة في إطار إحياء الفعل الترجمي في الجزائر، و تم هذا الحدث بالتنسيق بين الهيئتين المذكورتين , أين كانت الأستاذة سعاد بسناسي مسيرة لهذا النشاط الذي حضره السيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية وافتتحه مثمنا هذه المبادرة ومشجعا على ضرورة استثمار الترجمة والإفادة من الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي.
وتندرج الندوة العلمية ضمن سلسلة الندوات العلمية الفكرية واللسانية كل ثلاثة أشهر للجنة الترجمة في المجلس برئاسة البروفيسور نوار عبيدي الذي قدم كلمة في الافتتاح باسم أعضاء اللجنة، وجرت فعاليات هذه الندوة عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد بإشراف التقني المسير عضو الأكاديمية د. إبراهيم يحيى، وذلك لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المهتمين، وقدم الدكتور بلقاسم عيساني محاضرة عنوانها: “لماذا نترجم ؟ من سذاجة السؤال إلى عمق الاشتغال المعرفي”.
وهو سؤال جوهري في غاية الأهمية: حضاريا ووجوديا، والجزائر وعيا منها بدور الترجمة في تقدم الشعوب، تحاول اللحاق بالركب الذي يؤسس لهذا النوع من المعرفة, حيث ارتكزت المحاضرة على عدة محاور.
الأول: الترجمة باعتبارها استعدادا طبيعيا في ذات الإنسان ، الذي يمارسها وعى ذلك أم لم يعي.
الثاني: الترجمة باعتبارها عملا جماعيا تتضافر حوله الجهود .
الثالثا : تمظهرات الترجمة كرسالة قيمة ليعرف الآخرون الذين يختلفون عنا في اللغة والدين والعادات والتقاليد ما لدينا من منجزات حضارية نريدها أن تصل إلى العالم.
فكما هو معلوم توجد نظريات تبرهن حضور الترجمة كفعالية عقلية، مثل ما بيّنه جاكوبسون بتصنيفتيه المشهورة، ولقد رصدنا أمثلة تظهر مشكلات يتلقاها المترجم حين يتصدى لترجمة القرآن الكريم مثلا، والمتخصصون يدركون حرج ترجمة المقدس.
في هذا الصدد تناول المحاضر نظرية طه عبد الرحمن وعلّق عليها ، كما عرض تجربته الشخصية بترجمته كتابا لباختين والثاني لجيل دولوز ، وبيّن كيف يمكن أخذ المتلقي بعين الاعتبار حينما يتوجه إليه الخطاب الترجمي.
كما أن ترجمة الفلسفة والمفاهيم التجريدية تحتاج إلى متخصصين، وذلك لعمقها وبعد غور مصطلحاتها، وهنا عرّج المحاضر على أهمية الذكاء الاصطناعي في الترجمة وبيّن أنه لن يسبق جهد الإنسان إلا بعد أن يتشبع بالمعطيات التي تؤهله ليلعب دوره باعتباره حضورا تكيّفا لمدى تحويل المعرفة الورقية إلى رقمية.
و كانت الندوة مجالا مثمرا للنقاش بين عدة أساتذة أجلاء زادتها المتابعة الكثيفة بهاءًا حيث تجاوز المتابعون الألفين مع مقاسمة افتراضية فاقت الستين، وهذا نجاح منقطع النظير يظهر شغف الجزائرين بالمعرفة عكس ما يروج البعض أن الناس لا تهتم إلا بالرياضة والتسلية كل هذا حسب الدكتور بلقاسم عيساني الذي لم ينس في الأخير شكره الموصول للدكتورة سعاد بسناسي ذات الباع الطويل في المبادرات الثقافية متعها الله بالصحة والعافية،للعلم أن هذه الندوات ستستمر خدمة للعلم بإذن الله.