بينما يتخاذل المطبلون و المنبطحون و يمضون الإتفاقيات من تحت الطاولة مع الكيان الغاصب تحت مظلة التطبيع, لا تزال الجزائر تعطي مجددا و من جديد الدروس في الوطنية و حب التحّرر من قيود نير المستعمر, فبعد أن أعلنتها أمام الملأ بأنها ستظل ظهر فلسطين من خلال مقولة ممثلها الأممي عمار بن جامع لنظيره الفلسطيني.
أضحى بلد الثمانية مليون شهيد أو ربما أكثر باحتساب من سقط منذ أوائل الغزو الفرنسي الغاشم مضرب المثل في الدفاع عن المظلومين في كل مكان, و بالأخص إخواننا الغزّاويون الذين أوذوا و نكّل بهم في سبيل رغبتهم في الاستقلال و العيش بكل كرامة أمام الهولوكوست الصهيوني المتواصل.
فإذا كان يشار للجزائر في كل مرة على أنها تحشر أنفها في قضية تبعد عنها بعشرات الآلاف من ألأميال و الكيلومترات, فإن الأمر هذه المرة ليس لبلد الحرائر و الرجال ضلع فيه.
فاسم الجزائر بات يذكر في أشهر الساحات العالمية و في حرم أعتى الجامعات سموا و شهرة على الصعيد الدولي, أين بات فيلم معركة الجزائر لمخرجه الإيطالي “جيلو بونتيكورفو” عنوانا لكل من أراد أن ينتزع حريته و لا تعطى له عبر فتات المفاوضات الزائفة.
فبات فيلم معركة الجزائر يشاهده أحرار العالم و كأنه يعرض لأول مرة, و أضحى إشهارا مجانيا لتضحيات أبناء الشهداء و كأن الجزائر عبر لقطات “علي لابوانت” و “العربي بن مهيدي” و “حسيبة بن بوعلي” و “عمر الصغير” و البقية المتبقية من أبطال معركة الجزائر, تقول للعالم بأن ما يحدث في غزة هو فيض من غيض و من أراد استرداد حقه عليه بخوض ساحات الوغى.
فحقا المشاهد للقطات فيلم معركة الجزائر يتخيل دونما شك تشابه الظروف التي يعايشها الفلسطينيون حاليا و ما عايشها إخوانهم الجزائريون, و أيضا تشابه أوصاف الإستعمارين الفرنسي و الصهيوني من خلال الجرائم التي تتطابق من حيث الضراوة و الجبن و ما شابه ذلك من إرهاب همجي.
للتذكير أن رائعة المخرج الإيطالي الراحل ”جيلو بونتيكورفو” حجزت لها مكانا في أرشيف السينما الثورية بامتياز, حيث أظهرت بحق كفاح الشعب الجزائري من الألف إلى الياء من خلال تجسيد ملحمة معركة الجزائر, التي أقحمت فيها فرنسا بكل وقاحة و جبن القوات الخاصة للمظليين في حرب داخل المدينة, حيث أبدع جنرالاتها السفاحين من عيار بيجار و ماسو و أوزاريس في تصفية الجزائريين.
و بالمقابل كان خير جواب للجزائريين هو تلك العبارة الخالدة التي جاءت في آخر الفيلم عندما طلب من المتظاهرين أحد رجال البوليس الفرنسي عن ماهية مطالبهم فأجابه أحد المتظاهرين الأشاوس على لسان كل الجزائريين “أخرجوا من بلادنا و عودوا من حيث أتيتم…تحيا الجزائر و المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار”….لينتهي الفيلم بالزغاريد و الموسيقى الثورية.