لم يستعد الألمان يوم أمس بعد إطاحة بوريسيا دورتموند بالغريم باريس سان جيرمان بريقهم الكروي فحسب الذي سحقوا من خلاله الحلم القطري على الأراضي الأوروبية, بل راحوا يستعيدون عبق تاريخ قبائلهم التي توسعت من خلال حروبها و غزواتها حتى باتت تنسب بعض الدول على أنها امتداد للإمبراطورية الجرمانية القديمة.
و يبدو أن الرئيس الفرنسي الحالي “مانو” الذي لن يغفر له الجزائريين هفوته التي جاءت عن قصد حين تكلم باستعلاء عن تاريخ الجزائر, التي تكبر بعض لوحاتها الفسيفسائية بآلاف السنين عمر بلاد الغال دون نسيان رواية “الحمار الذهبي” الأولى في التاريخ التي ألفها الجزائري “أبوليوس”, حين لم يكن لباريس و لا “فيرسينجيتوريكس” وجود أصلا.
و لا أدري كيف و أنا أتصفح إحدى مقالات المفكر و المصلح الجزائري الراحل “مولود نايت بلقاسم” صبيحة اليوم, و إذ بي تأخذني الحمية على تاريخ بلدي, حيث قالها مثقفنا الراحل بصريح العبارة متحدثا عن بلد “الهيكساجون”…”ومن إسم هذه الجهة الألمانية وقبائلها الفرنكية جاء إسم فرنسا ، والشعب الفرنسي ، واللغة الفرنسية ، والفرنك الفرنسي ، وحتى عندما كان دوغول يقول : ” تحيا فرنسا ! ” ، فقد كان يستعمل إسما ألمانيا لبلاده ، فرنسا التي يسميها الألمان اليوم Frankreich أي مملكة الفرنكيين ، من الإسم القديم Frankenreich الألماني”.
و هنا نستغرب مثلما استغرب زبدة مفكرينا ما بال مانو يقول على أن الجزائر لم يكن لها وجود قبل الإستعمار الجائر لبلاده على أرضنا, فإسم الجزائر على الأقل ، ليس أجنبيا ، بل نحته بلكين بن زيري منذ أكثر من ألف سنة ، وإسم الجزائريين مشتق منه ، ولم نستعره من أحد “.
و حتى و إن نسي الفرنسيون من أين جاء أجدادهم أو تناسوا أو يتظاهرون بالنسيان, لا يزال الألمان يذّكرونهم عقب كل موقعة بمرور التاريخ سواءا كانت رياضية أو عسكرية أن فرنسا ما هي سوى امتداد لإمبراطورية ألمانيا, و تلك الحقيقة التي ملأت مواقع السوشل ميديا قبل واقعة ال”بياس.جي” بنادي بوريسيا دورتموند.
آه بالمناسبة نسيت بعد انهماكي في تشفير أوراق التاريخ, أن أهنئ الألمان بتأهلهم على ظهر دورتموند الذي يحتل الصف الخامس في البونديسليغا على نادي الأمراء الأول في ال”ليغ وان” الذي صرفت عليه ملايير اليوروهات من أجل أن يرفع اسم مملكة الفرنكيين عاليا, لكن يبدو أن التاريخ يأبى إلا أن يعترف بالأصل في الغلبة على الفرع…و الفاهم يفهم.