ما قل ودل

تريد خلق كاليدونيا جديدة للفلسطينيين…إسرائيل لم تتعظ من التجربة الفرنسية

رغم الدمار الفلسطينيون متشّبتون بأرضهم

شارك المقال

يسعى الإسرائيليون بكل ما أوتيوا من قوة و دهاء أن يمحوا الوجود الفلسطيني الذي لا يزال يعّكر صفو بقاء كيانهم المهّدد بالزوال في أية لحظة, و لأجل ذلك يسعى المتطّرفون اليهود لتطبيق سياسة التهجير القسري مقتبسين بذلك التجربة الفرنسية التي سبق لها و أن فشلت في الجزائر خلال نهاية القرن التاسع عشر, أين اعتمدت فرنسا تجربة تهجير الجزائريين نحو ديار ليست بديارهم من أجل الحّد من لهيب الثورات التي ما فتئت تأكل الأخضر و اليابس في جحافل الجيش الفرنسي المستعمر.

و يبدو أنه رغم اعتراف فرنسا بفشلها الذريع في كسر جموح ثورة الجزائريين على الوضع الاستعماري, لا تزال إسرائيل تحذو حذو الفرنسيين في تطبيق نفس التجربة الفاشلة.

فبعدما عجز الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططات التهجير القسري بالتي هي أحسن, عن طريق سياسات الإغراء نحو تجنيس الفلسطينيين بجنسيات أوروبية و حتى أمريكية بمساعدة مسؤولو الهجرة في العالم الغربي, هاهي اليوم تسعى لفرض هذا المنطق بالقوة من أجل تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين.

و أبانت أمريكا المتبّجحة بالحفاظ على حقوق الإنسان, على تحمسها في فتح أراضيها التي يعتبرها البعض أرضا للميعاد الدنيوي لجحافل الفلسطينيين, و أمرت بتسهيل اندماجهم و حصولهم على الإقامة في بلد العم سام و مزايا أخرى لم يعرها المعذبون في الأرض أي اهتمام.

فرغم هاته الخطط لايزال الفلسطينيون الأقحاح يفّضلون كرامة العيش الرهيب في المخيمات و أن يدفنون تحت الأنقاض على أن يفرطوا في شبر واحد من أرضهم.

و رغم هذه الإغراءات التي تم مضاعفتها لمن يحملون السلاح تحت الأنفاق, إلا أن حب الحرية و الذود عن مقدسات الأمة باتوا الهدف الرئيس للمجاهدين الأشاوس, على وزن مقولة المجاهدين الجزائريين إبان خوضهم حربا ضروس ضد فرنسا “الجوع أو الرجوع” أي تحقيق الاستقلال أو الموت دون ذلك, و هو مرادف لعبارة النصر أو الاستشهاد التي يصدح بها دوما أبو عبيدة في ختام خطاباته.

و يضرب الفلسطينيون من خلال ثباتهم و تآزرهم و تلاحمهم هاته الأيام صنوف من الأمثلة التي يقتدي بها إخوتهم المعّذبون في الأرض و الذين يتوقون إلى طعم الحرية, لعل أبرزهم إخوانهم الصحراويون الذين رفضوا و لا يزالون يرفضون هم أيضا مساومات المحتل المغربي و إغراءاته في ترحيل ما يمكن ترحيله بتواطؤ غربي نحو أوروبا, من أجل الاستحواذ على أرض ليست بأرضهم.

للتذكير أن جحافل المهّجرين الجزائريين نحو كل من كاليدونيا الجديدة و جزيرة غوياينا من بقايا المجاهدين من ثورات بوبغلة و الشيخ الحداد و المقراني, لا يزال أحفادهم في اتصال مع أبناء عمومتهم في الجزائر, حتى أنهم يزورون دوريا بلد أسلافهم, و هو برهنة لفرنسا أنها خسرت رهانها حتى أمام التاريخ, حيث أن أرواح من تم تهجيرهم قسرا يجيبونها من تحت التراب أنه لا يعلو صوت فوق صوت الجزائر.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram