سقطت كل الحسابات الشيطانية التي تهيأ لتجسيدها على أرض الواقع كل من النتن-ياهو و ترامب كبيرهم الذي علمهم السحر, حيث دخلت إسرائيل لأول مرة منذ نشأتها معترك مستنقع الرمال المتحركة, أين سينقلب عليها عصر الهيرماجيدون الذي طالما خوفت به و جعلته للعالم بمثابة فزاعة.
فيبدو أن سيناريو وقوع بني إسرائيل أسرى لدى “بختنصر” ملك بابل القديمة سوف يعّجل الصهاينة بإعادته, أين توحي كل المعطيات الميدانية بأن كفة الغلبة بدأت تنحاز للجانب الإيراني بسبب التفوق الصاروخي, مع العلم أنه في واقعنا الحالي لن ينتظر صهاينة هذا العصر شفاعة النبي دانييل عليه السلام الذي خلّصهم من أسر البابليين, حين عطف بختنصر ملك بابل لحاله بعدما أسره هو الآخر مع الأسود التي أبت التهامه و أطاعت أوامره و حّرر بختنصر بني إسرائيل بسبب نقاء سريرة هذا النبي الكريم.
و مع أن هذه القصة حدثت منذ آلاف السنين إلا أن بنو إسرائيل لا يزالون على حالتهم و كل تركيزهم لا يزال منصّبا على قيادة العالم, و لو كان ذلك تحت ستار القوى العظمى تماما كما تسّتروا بالرومان من قبل و قدموا نبيهم عيسى عليه السلام قربانا لهم تقّربا و تزّلفا إليهم.
فإسرائيل رغم غرقها في مستنقع غزة, راحت تشعل نار أخرى مجددا من حواليها, لكنها ليست مثل تلك النيران التي يتيّسر إطفاؤها كنار حزب الله و الفصائل الفلسطينية, فهذه المرة الهجومات ليست انتحارية و لا يقودها فدائيون بل جيش متمّرس عرف كيف ينّقي أجواءه من الداخل.
و بات القضاء على الخونة يعتبر أول رهان خاضه الإيرانيون من أجل اكتساب مناعة وطنية التي هي غير موجودة لدى الطرف الآخر, أين يسارع معظم سكان تل أبيب للعودة من حيث أتى أسلافهم و هو ما يفسر الرحلات العكسية التي بات يخوضها اليهود للعودة من حيث أتوا برا و بحرا و جوا, و بتذاكر قدرت أسعارها بعشرات الأضعاف عن أثمانها الأصلية, فالمهم الآن هو مغادرة إسرائيل التي لم يبق أمان فيها و لم تعد أرض الميعاد التي وعدوا بها من قبل.
فمن خلال تاريخ الحروب التي خاضها الطرفان فالإسرائيليون ألفوا تلك الحروب الخاطفة التي تعتمد على عامل الصدمة تماما كما جرى خلال حرب الستة أيام و حرب النكسة مع المصريين, بالمقابل الإيرانيون يعرف عنهم أنهم ذوو نفس طويل فخوضهم لحرب ثمان سنوات مع جيرانهم العراقيين خرجوا منها أقوى عزيمة و اتخذوا من التسليح و الروح القتالية عقيدة لجيشهم.
فرغم مباغثة إسرائيل و تجرؤها بضرب خصمها من الداخل إلا أن الإيرانيين عرفوا كيف يقعوا و حتى إن وقعوا يقعون متكئين متسلحين بإرادة شعبية من أمامهم و روح قتالية تلفهم و تاريخ مجيد كتب من ورائهم.
لذا ففزّاعة الهيرماجيدون حتى و إن وقعت بعد تدخل أمريكا في السباق, فحتما سيكون لتدخل حلفاء إلى جانب إيران من عيار باكستان إضافة إلى التدخل المعنوي لباقي الدول الإسلامية له وقع آخر, و لن تسلم الأمور إلا لمن تشّبت بأرضه و أرض أجداده و الذي ليس له أرض أخرى يلجأ إليها, أما من كانت رجله في منزل و رجله الأخرى تتسّرع للمغادرة لمنزل في قارة أخرى, أو بلد آخر بمجرد تعرض منزلها الثاني للزلزال فمصيرهم دون شك الزوال, خصوصا أن عهد النبي دانييل قد زال و عصر النبوة قد ولّى و ختم بنبي آخر الزمان محمد عليه الصلاة و السلام…و لا يزال للحديث بقية.