الأستاذ العربي بوعمامة -جامعة مستغانم-
تمرّ اليوم الذكرى الثامنة لوفاة الأستاذ الدكتور بوعلام بلقاسمي، أحد أبرز الباحثين الجزائريين في التاريخ الوطني، وأستاذ التعليم العالي بجامعة وهران، الذي وافته المنية في سلطنة عمان في مثل هذا اليوم من سنة 2017، بعد مسيرة علمية ووطنية طويلة، ظل فيها وفيًّا لقناعاته، ومخلصًا لقلمه، ومبتعدًا عن الأضواء.
لم يكن الدكتور بلقاسمي مجرد أستاذ جامعي، بل كان باحثًا ملتزمًا بقضايا وطنه، ومؤرخًا نذر نفسه لخدمة الذاكرة الجزائرية، من موقع علمي رصين ومسؤول. وقد شغل منصب رئيس المجلس العلمي للمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، حيث كان له دور فعّال في جمع الشهادات التاريخية، وتحقيق النصوص، وإحياء التراث الوطني المكتوب والمنسيّ.
لكن رغم هذا المسار الحافل، لم يُنصف الرجل حيًّا، ولم يحتفَ به كما يليق بعالمٍ مثله. بل إن صمته وابتعاده عن دوائر النفوذ والأضواء جعلاه من أولئك الذين خدموا الوطن في الظل، ومضوا في صمت. واليوم، نعترف – بكل صدق – أننا قصّرنا في حقه، ولم نُعطِه ما يستحق من تكريم واعتراف، لا في حياته، ولا بعد رحيله.
ترك الدكتور بلقاسمي وراءه رصيدًا علميًا ثريًا من المؤلفات، نذكر منها:
“الأرشيف الجزائري المحفوظ في بريطانيا”
“موسوعة أعلام الجزائر”
“الرأسمالية، الاستعمار والمقاومة”
“الجزائر وفرنسا: الأطلس التاريخي”
“السياسات الاستعمارية العقارية في الجزائر”
كما ساهم في تأسيس عدة مجلات علمية مرموقة، من بينها: “عصور”، “المصادر”، “حوليات المؤرخ”، إضافة إلى مجلة كلية الآداب بسلطنة عمان، حيث عمل ودرّس لسنوات.
شارك في مؤتمرات وندوات علمية داخل الجزائر وخارجها، وكان حضوره العلمي يتميز بالرصانة والعمق، لكنه لم يكن ممن يسعون وراء التكريم أو الظهور، بل آثر أن يضع علمه في خدمة التاريخ، لا في خدمة الألقاب.
رحم الله الدكتور بوعلام بلقاسمي، وجعل ما قدّمه في ميزان حسناته، وجزاه عن الجزائر خير الجزاء.
لقد رحل في صمت، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى، وسيرةً ينبغي أن تُروى للأجيال.