شهدت الجزائر خطوة مؤسساتية جديدة تمثلت في صدور المرسومين التنفيذيين المتضمنين إنشاء كل من الهيئة الجزائرية للاستيراد والهيئة الجزائرية للصادرات. ويأتي هذا التطور في سياق الإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى ضبط التجارة الخارجية، تحقيق التوازن بين الواردات والصادرات، وضمان الانتقال نحو نموذج تنموي قائم على الإنتاج الوطني وتنويع الصادرات.
الطبيعة القانونية والتنظيمية للهيئتين
الهيئتان الجديدتان تم تصنيفهما كمؤسستين عموميتين ذوات طابع تجاري، تتمتعان بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتوضعان تحت وصاية الوزير المكلف بالتجارة الخارجية. ويمنح هذا الإطار القانوني مرونة في التسيير من جهة، وربطاً عضوياً بالسياسات الحكومية من جهة أخرى، بما يضمن الانسجام بين الرؤية الاستراتيجية للدولة والآليات التنفيذية في مجال التجارة الخارجية.
مهام الهيئة الجزائرية للاستيراد
تضطلع الهيئة بعدة وظائف محورية أهمها:
-
تنفيذ سياسة الدولة في مجال تأطير الواردات.
-
استغلال قواعد البيانات المتعلقة باحتياجات السوق الوطنية لتحديد الأولويات الاستيرادية.
-
إعداد دراسات تحليلية عن تطور الواردات والأسعار في الأسواق الدولية.
-
التنسيق مع القطاعات المختلفة لتتبع تدفقات السلع المستوردة وضمان توزيعها العادل وطنياً.
-
رصد مؤشرات الندرة والاحتكار وإعداد تقارير دورية تساعد صناع القرار.
-
تنفيذ توصيات المجلس الأعلى لضبط الواردات، سواء فيما يخص الاستيراد بغرض البيع على الحالة أو في إطار الأنشطة الإنتاجية والخدمية.
-
إنشاء بطاقية وطنية للمستوردين تحدد معايير واضحة وشفافة لممارسة النشاط الاستيرادي.
مهام الهيئة الجزائرية للصادرات
أما في مجال الصادرات، فقد أُنيطت بالهيئة مهام تكاملية من أبرزها:
-
تنفيذ سياسة الدولة في مجال ترقية الصادرات وتنويعها.
-
تحديد إمكانيات التصدير بالتنسيق مع مختلف القطاعات الاقتصادية.
-
جمع المعطيات التجارية والتقنية لاستكشاف الأسواق الخارجية.
-
إنجاز دراسات استشرافية حول الأسواق الدولية لتوجيه الاستراتيجية الوطنية للتصدير.
-
تشجيع إطلاق علامة “صنع في الجزائر” كأداة لتعزيز تنافسية المنتجات الجزائرية عالمياً.
-
المساهمة في إعداد البرنامج الرسمي للمشاركة في التظاهرات الاقتصادية الدولية.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية للإصلاح
يمثل إنشاء الهيئتين خطوة مؤسسية تعكس التحول من منطق التدخل الظرفي في السوق إلى منطق الضبط المؤسسي المهيكل. فبالنسبة للواردات، يسعى المشرّع إلى تقليص الاختلالات المزمنة في الميزان التجاري عبر عقلنة الاستيراد والحد من الفوترة غير الشرعية، بينما تهدف هيئة الصادرات إلى دعم التوجه نحو تنويع الاقتصاد وتقليل التبعية للمحروقات، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجيات الوطنية لما بعد 2030.
التحديات المنتظرة
رغم الأهداف الطموحة، تواجه الهيئتان جملة من التحديات أبرزها:
-
ضرورة التنسيق الفعلي بين مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات الاقتصادية.
-
بناء منظومات معلوماتية حديثة وشفافة لإدارة قواعد البيانات التجارية.
-
ضمان استقلالية التسيير بعيداً عن البيروقراطية.
-
القدرة على مواكبة التحولات السريعة في الأسواق الدولية.
و بالتالي فتهدفانإن صدور المرسوم التنفيذي بإنشاء الهيئة الجزائرية للاستيراد والهيئة الجزائرية للصادرات يشكل منعطفاً مهماً في مسار إعادة هيكلة التجارة الخارجية للجزائر. فهو يعكس إرادة سياسية لإقامة آليات مؤسسية مستدامة توازن بين مراقبة الواردات وترقية الصادرات، في أفق بناء اقتصاد أكثر انفتاحاً وفعالية، قادر على المنافسة في الأسواق العالمية.