بمجرد اقتراب الأسطول من المياه الإقليمية االفلسطينية، سارعت البحرية الصهيونية إلى اعتراض السفن في عملية عسكرية استعراضية، وشرعت في اعتقال عشرات النشطاء، بينهم جزائريون وأوروبيون، وسط استنكار عالمي واسع.
وقد نقلت مصادر حقوقية أن قوات الاحتلال تعاملت بعنف مع بعض المتضامنين، وصادرت معدات إعلامية وهواتف محمولة، في محاولة لمنع توثيق عملية القرصنة.
الاعتداء الجديد أثار ردود فعل قوية على المستويين الشعبي والرسمي، حيث دعت منظمات حقوقية دولية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين والسماح للأسطول بالوصول إلى وجهته.
كما عبّرت برلمانات أوروبية عن قلقها من انتهاك الكيان للقوانين البحرية الدولية، في حين أبدت الحكومات العربية والإسلامية تضامنها مع المشاركين، ونددت بمحاولات منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
رغم عملية الاعتراض، يرى مراقبون أن “أسطول الصمود” قد حقق جزءاً من أهدافه، إذ نجح في إعادة تسليط الضوء على الحصار الجائر المضروب على غزة، وفضح ممارسات الاحتلال أمام الرأي العام الدولي. كما أعاد إحياء التضامن العالمي مع الفلسطينيين، مؤكداً أن القضية الفلسطينية لا تزال حاضرة في ضمير الشعوب الحرة.
الانطلاق التاريخي للأسطول جاء
في خطوة جديدة تكشف حجم الخوف من أي مبادرة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار، “أسطول الصمود” الذي انطلق قبل أيام من عدة موانئ أوروبية وعربية باتجاه قطاع غزة، حاملاً معه نشطاء سلام، برلمانيين، أطباء وإعلاميين من مختلف أنحاء العالم، من أجل تسليط الضوء على المعاناة اليومية لأكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ ما يقارب العقدين.
أولى سفن الأسطول انطلقت من ميناء أثينا باليونان، تلتها أخرى من إسبانيا، فرنسا، النرويج، إضافة إلى سفينة مغاربية انطلقت من الجزائر العاصمة في موكب رمزي ضم متضامنين جزائريين وأطباء وصحفيين، رافعين العلمين الجزائري والفلسطيني، في رسالة واضحة بأن الجزائر لا تزال وفية لتاريخها الثوري ولدعمها غير المشروط للقضية الفلسطينية.
ويقدّر عدد المشاركين في هذا التحرك الدولي بحوالي 500 ناشط، من 20 دولة توزعوا على قرابة 10 سفن، بعضها محمل بالمساعدات الطبية والإنسانية، وأخرى بركاب يمثلون هيئات حقوقية وبرلمانية وصحفية.
انطلاق “أسطول الصمود” واعتقال ركابه يفتح من جديد ملف الحصار البحري على غزة، ويعيد إلى الأذهان مأساة “أسطول الحرية” سنة 2010 الذي واجه الهجوم الدموي نفسه. وبينما يحاول الاحتلال إسكات أصوات التضامن الدولي، فإن الجزائر والدول المشاركة بعثت برسالة قوية للعالم: أن غزة ليست وحدها، وأن الحصار مهما طال لن يكسر إرادة الشعوب الحرة.